وأما الوجهانِ الآخرانِ عن أنسٍ ﵁ فلم أقفْ إلا على واحدٍ منهما: وهو ما رُويَ من طريقِ مالكٍ عن الزهريِّ عنه. ذكره ابنُ عديٍّ في "الكامل" (٦/ ٢٩٠) معلَّقًا، ووصله الخطيبُ في "تاريخ بغداد" (٢/ ٣١١)، وفي "موضحِ أوهام الجمعِ والتفريقِ" (٢/ ٤٢٩)؛ من طريق محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ غزوانَ عن مالكٍ به. وهو بهذا الإسنادِ -كما قال ابنُ عديٍّ- باطلٌ؛ محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ غزوانَ اتَّهمه ابنُ عديٍّ بالوضعِ "الكامل" (٦/ ٢٩٠)، وكذَّبه الدارقطنيُّ "تاريخ بغداد" (٢/ ٣١١). ورواه محمدُ بنُ عبد الرحمن بن غزوان عن إبراهيمَ بنِ سعدٍ عن الزهريِّ أيضًا، ذكره ابنُ عديِّ معلَّقًا في الموضعِ السابقِ. وروي من وجهٍ آخر عن مالكٍ: أخرجه أبو نعيمٍ في "الحلية" (٩/ ٣٩٦) من طريق الحسنِ بنِ أحمدَ بنِ المباركِ عن أحمدَ بنِ صبيح بن رسلانَ عن ذي النونِ بنِ إبراهيمَ المصريِّ عن مالكٍ به. وإسنادُه كسابِقِه؛ فيه الحسنُ بنُ أحمدَ بنِ المباركِ: قال الدارقطني: "ضعيفٌ جدًّا، كان يُتَّهَمُ بوضعِ الحديثِ". "اللسان" (٣/ ٢٤). وروي من وجهٍ ثالثٍ عن مالكٍ أيضًا؛ من طريقِ محمدِ بنِ بَزيعٍ عنه، ذكره الذهبيُّ في "الميزان" (٣/ ٤٨٩). ومحمدُ بنُ بزيعِ: قال الخطيبُ: "مجهول". "الميزان" (٣/ ٤٨٩). والحديثُ -كمَا قال الذهبيُّ- باطلٌ. وعليه فإنه لا يصحُّ أيٌّ من هذه الوجوهِ عن مالكٍ البتَّةَ. والله أعلم. (٢) يوسُفُ بنُ الحسنِ بن محمدِ الأنصاريِّ، عِزُّ الدينِ، أبو المظَفَّرِ الزَّرَنْدِيُّ. سمعَ ببغدادَ من عبدِ الصَّمدِ بنِ أَبي الجيشِ وأبي وَضَّاحٍ، ثمّ رحلَ إلى الشَّام ومِصرَ وغيرِهما، وطلبَ وحصَّلَ، وجمعَ وخرَّجَ، وحجَّ أربعين حَجَّةً. وكان عَدلًا فَاضلًا، يُحكَى عنه كَرَاماتٌ. مات وهو قاصِدٌ إلى الحجازِ مع الرَّكبِ العِراقي سنة (٧١٢). وله ذُرِّيةٌ في المدينةِ الشريفةِ. =