بيَّن المؤلفُ سببَ تصنيفِه لهذا الكتاب في مقدمته، فذكر أمرين: أولهما: أنَّ بعضَ الأئمةِ قد طلبَ منه أنْ يُصنِّفَ كتابًا يبيِّنُ فيه ما اشتهَرَ على ألسِنة الناس من الأحاديث مع عزوه والحكمِ عليه؛ فقال:"وبعدُ: فهذا كتابٌ رَغِبَ إليَّ فيه بعضُ الأئمةِ الأنجابِ، أُبيِّنُ فيه بالعَزْوِ والحُكمِ المعتَبَرِ ما على الألسنَةِ اشتَهَرَ، مما يُظنُّ إجمالًا أنه مِنَ الخَبَرِ، ولا يهتدي لمعرفَتِهِ إلا جَهابِذةُ الأثر".
وثانيهما: القيام بالواجب تجاه حديث النبي ﷺ من نفي الكذب عنه وتبيين الصحيح من السقيم، مع ما وقع من الناس من تساهلٍ وتسارعٍ في رواية الأخبار ونسبتها إلى النبي ﷺ، مع عدم علمهم بما يقولون، ولا تثبتهم فيما ينقلون؛ فقال:"وكان أعظمُ باعثٍ لي على هذا الجمعِ، وأهمُّ حاثٍّ لعَزْمي فيما تَقِرُّ به العينُ ويلتَذُّ به السمعُ: كثرةَ التسارُعِ لنقلِ ما لا يُعلمُ في ديوانٍ، مما لا يسلمُ عن كذِبٍ وبُهْتانٍ، ونِسْبتهُم إيَّاهُ إلى الرسولِ، مع عدمِ خِبرتِهم بالمنقولِ، جازمينَ بإيرادِهِ، عازِمينَ على إعادتِه وترْدادِه، غافِلين عن تحرِيمِه، إلا بعدَ ثبوتِهِ وتفهيمِه، من حافظٍ متقِنٍ في تثبيته"(١).