للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالجملة فلم تُذكر الغَمامةُ في حديث أصحّ من هذا (١).

وقد استُدِلَّ بذلك لجواز إظلال المُحْرِم (٢)، وهو جائزٌ، ولكنْ لا يتمُّ الاستدلالُ به، إلا إنْ كان ملازمًا له ، وليس كذلك؛ فقد وَقَعَ إظلالُ أبي بكر الصديق له ، حين قدما المدينةَ في الهجرة لما أصابت الشمسُ رسولَ اللَّه ، فإنَّ أبا بكر أقبَلَ حتى جلَّل عليه بردائه (٣)، بل ثبَتَ أنه كان بالجِعْرَانة (٤)، ومعه ثوبٌ قد أُظِلَّ عليه (٥). وأنهم كانوا إذا أتوا على شجرةٍ ظَليلةٍ تركوها للنبي (٦)، ونحو ذلك مما لا نُطيلُ بتخريجه، وكلاهما مما يَتأيَّد به كونه لم يكن دائمًا، وكذا يشهدُ له صنيعُ القاضي عياض، حيث صدَّرَ ما سلَفَ مما عُزِي إليه بإظلال اللَّه له بالغمام في سفره (٧)، وإنْ كان في أثنائه ما ليس صريحًا فيه، والله أعلم.

١٢٨ - حديث: "الإعادة سعادة".

ما علمتُهُ في المرفوع (٨)، وصحَّ أنه كان إذا تكلَّم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا لتُفهمَ عنه (٩).


(١) من بداية رواية الخرائطي إلى هنا مُستفاد من كلام ابن كثير في "البداية والنهاية" (٣/ ٤٣٨ - ٤٤١).
(٢) لمعرفة أقوال العلماء في مسألة إظلال المُحْرِم ينظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ١٢٩ - ١٣١).
(٣) "صحيح البخاري" (مناقب الأنصار، باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة رقم ٣٩٠٦).
(٤) الجعْرانة؛ بتسْكين العين والتَّخفيف وقد تُكسر العين وتُشدّد الراء .. "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٢٧٦)، وهي بين مكة والطائف، تَبْعُدُ عنْ مكَّةَ سِتةَ فَرَاسِخَ -أي ١٨ مِيلًا- وتبْعُدُ عنْ حُدُودِ الحَرَمِ تِسْعَةَ أميالٍ … "الموسوعة الفقهية الكويتية" (١٥/ ٢٤٠).
(٥) "صحيح البخاري" (رقم ١٥٣٦)، و (رقم ١٧٨٩)، و (رقم ٤٣٢٩)، و"صحيح مسلم" (رقم ١١٨٠) من حديث يعلى بن أمية.
(٦) "صحيح البخاري" (المغازي، باب غزوة ذات الرِّقاع رقم ٤١٣٦) من حديث جابر.
(٧) "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (ص ٣٦٧ - ٣٦٨).
(٨) أورده القاري في "الأسرار المرفوعة" (ص ١٢٣ رقم ٤٦)، والقاوقجي في "اللؤلؤ المرصوع" (ص ٤٠ رقم ٤٨)، وقال القاري: والمشهور على الألسنة: أنَّ الإفادةَ خيرٌ من الإعادة.
(٩) "صحيح البخاري" (العلم، باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليُفهم عنه رقم ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>