وأما "عباد بن جعفر" -أو: "عباد" غير منسوب-: فقاله أبو أسامة حماد بن أسامة عن الأعمش -كما في رواية ابن أبي شيبة، والرواية الثانية لأحمد والنسائي والطبري-، وهو ثقة ثبت، ولكنه لا يعدل بالثوري، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره -كما في "التقريب" (١٤٨٧) - وصرح البخاري ويعقوب بن شيبة وابن حبان بأن "عبَّادًا" هذا هو يحيى بن عمارة المذكور في رواية أصحاب الثوري، كما في "تهذيب التهذيب" (١١/ ٢٥٩)، رقم (٤٢٢)، وعليه يكون أبو أسامة أيضًا واهمًا فيه، وصوابه: "يحيى بن عباد"، كما حققه الطحاوي. والله تعالى أعلم. وأبو هبيرة يحيى بن عباد بن شيبان الأنصاري السلمي الكوفي، ثقة. "التقريب" (٧٥٧٤). وبما تقدم -والله أعلم- تزول علة الجهالة عن هذا الراوي، ولا يبقى ثَمَّ كلامٌ في الإسناد إلا على اختلاط عطاء بن السائب، وقد تقدم في النقل عن الحافظ بن حجر أن عمرو بن أبي قيس قديم السماع عن عطاء بن السائب، ولم أقف فيه على نص متقدم، ولعله بناه على كون عمرو بن أبي قيس قديمًا من طبقة الثوري وشعبة وذويهما، بالإضافة إلى كونه كوفيًا بلديًا لعطاء، فسماعه عنه قديم بلا شك، لكنه يبقى ما تحفظ به الشيخ الألباني من احتمال كونه متعدد السماع عنه؛ قبل الاختلاط وبعده، ولعله من أجل هذا تحفظ أبو حاتم الرازي عن القطع في هذا الحديث، فقال ابنه في "العلل" (٥/ ٣٧١)، رقم (٢٠٥٢): "سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن أبي قيس والحارث بن نبهان الجرمي؛ عن عطاء بن السائب عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ﷺ، أنه كان يدعو: اللَّهُمَّ قنعني بما رزقتني. ورواه وهيب بن خالد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت لأبي: أيهما أصح؟ قال: ما يدرينا، مرة قال كذا، ومرة قال كذا". وهنا يحتمل أن يكون تحفظ الإمام أبي حاتم عن الترجيح بين الإسنادين؛ بزيادة "يحيى بن عمارة" في الإسناد، أو إسقاطه منه، أو عن الترجيح بين الوقف والرفع، أو عن الأمرين معًا. والله أعلم. وأما البخاري فكأنه يميل إلى ترجيح الرواية الموقوفة التالية، كما سيأتي إن شاء الله. =