وبناءً عليه قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، تكلموا في روايته عن هقل". وقد تبيَّن أن يحيى لم يتفرد بروايته عن هقل، فلم يبقَ لجرح العقيلي مستندٌ. وأما عمرو بن هاشم البيروتي؛ فقد قال ابن أبي حاتم: سألتُ محمدَ بنَ مسلمٍ (يعني: ابن واره) عنه فقال: "كتبتُ عنهُ، كان قليلَ الحديثِ"، قلت: ما حاله؟، قال: "ليس بذاكَ، كان صغيرًا حين كتبَ عن الأوزاعيِّ". "الجرح والتعديل" (٦/ ٢٦٨). فيظهر أن ابن واره إنما يعني أن روايته عن الأوزاعي خاصةً ليست بذاك لأنه كتب عنه صغيرًا. ونقل ابن عساكر عن ابن عدي أنه قال فيه: "ليس به بأس". "تاريخ دمشق" (٤٦/ ٤٥٣). وذكره العقيلي في "الضعفاء" (٣/ ٢٩٤)، وقال: "عن ابن عجلانَ. مجهولٌ بالنقلِ، ولا يتابَع على حديثِه"، وأورد له حديثًا. قلتُ: لا يضرُّ تجهيله؛ فقد روى عنه غير واحد ووثقه ابن عدي، وأما حديثه هنا فقد توبع عليه. والحاصل: أن كلًا من يحيى وعمروٍ فيهما كلامٌ لا يقدح، فلا أقلَّ مِن أنَّ روايتَهما معًا عن الهقلِ ترقى بالحديثِ إلى الحسنِ. والله أعلم. * وقد خولف هقل بن زياد في إسناده: فرواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعيِّ عن إسحاقَ بن عبد الله بن أبي طلحةَ عن النبيِّ ﷺ مرسلًا. أخرج حديثه الخطيب في "تاريخ بغداد" (١٤/ ١٨٩). لكن الهقلَ بنَ زيادٍ أثبت الناس في حديث الأوزاعي: قال أحمد: "لا يكتب حديثُ الأوزاعي عن أوثقَ مِن هقلٍ". "تهذيب الكمال" (٣٠/ ٢٩٣). وقال أبو مسهر: "ما كان ها هنا أحدٌ أثبتَ في الأوزاعيِّ من هقلٍ". "الجرح" (٩/ ١٢٣). وقال مروان بن محمد: "أعلم الناس بالأوزاعيِّ … عشرةُ أنفسٍ: أولهم هقلٌ". "الجرح" (٦/ ٤٨). وعليه فإن هذا الحديث حسن، ولا يقدح فيه أنه جاء مرسلًا من وجه آخر. والله أعلم.