للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي البابِ عن يحيى بنِ هانِئ (١) عن أبيهِ (٢) -وهو أحدُ المُخَضْرَمِينَ- أنه قال لابنِه: "هَبْ لي مِن كَلامِكَ كَلِمَتَينِ: زَعَمَ، وسَوفَ". أخرجَهُ الخرائِطيُّ في "المساوِئِ" (٣) مُضافًا للحديثِ، وتَرجَمَ لهما: "كَراهَةُ إكثارِ الرَّجُلِ مِن قولِ: زَعَمُوا".

قال الخطَّابيُّ في "المعالِمِ" (٤): "أَصلُ هذا أنَّ الرجلَ إذا أرادَ الظَّعْنَ في حاجَةٍ والسَّيرَ إلى بَلَدٍ رَكِبَ مَطِيَّةً، وسَارَ حتى يَبلُغَ حاجَتَه، فَشَبَّهَ النبيُّ ما يُقَدِّمُ الرجلُ أمامَ كَلامِهِ ويَتَوَصَّلُ به إلى حاجَتِهِ مِن قَولِهم: "زَعَمُوا" بالمَطِيَّةِ، وإنَّما يُقال: "زَعَمُوا" في حديثٍ لا سَنَدَ لهُ ولا يَثبُتُ، إنما هُوَ شيءٌ يُحكَى على سبيلِ البلاغِ، فَذَمَّ النبيُّ مِن الحديثِ ما هذا سَبيلُه، وأَمَرَ بالتَّوَثُّقِ فيما يَحكِيهِ والتثَبُّتِ فيه، فلا يَرويهِ حتى يكونَ مَعزُوًّا إلى ثَبْتٍ". انتهى.

ويُؤَيِّدُهُ: "كفى بالمرءِ كَذِبًا أن يُحِدِّث بِكُلِّ ما سَمِعَ"، وسَيأتي في "الكافِ" (٥).


= عنه، وهو أبو عبد الله الجرميُّ: لم أظفر له بترجمة.
وإسناده منقطعٌ بين أبي قلابة وأبي عبد الله الجرمي؛ فقد قال الذهبي في "المهذب" (٨/ ٤٢٦٨) رقم (١٦٣٤٦): "فيه إرسال"، وأفاد محقِّقُه أنَّ في المخطوط (ضَبَّةً) تشير إلى أنَّ هذا الانقطاعَ بين أبي قلابة وأبي عبد الله الجرمي. والله أعلم بالصواب.
(١) ابن عُروةَ المُرادِيُّ، أبو داودَ الكوفيُّ، ثقةٌ، من الخامسة. د ت س. "التقريب" (٥٩٧).
(٢) هانئُ بنُ عُروَةَ بنِ الفضفاضِ المُرَاديُّ ثم الغُطَيفيُّ، تابعيٌّ مُخَضْرَمٌ، أدركَ مِن حياةِ النبيِّ أكثرَ مِن أربعينَ سنةً. سكَنَ الكوفةَ وكان من خَوَاصِّ عليٍّ . قتلَه عبيدُ الله بنُ زيادٍ وهو ابنُ بضعِ وتسعينَ سنةً.
انظر: "التاريخ الكبير" (٨/ ٢٣١)، "الجرح والتعديل" (٩/ ١٠١)، "الثقات" (٥/ ٥١٠)، و"الإصابة" (٦/ ٥٦٨).
(٣) "مساوئ الأخلاق" (٣٠٨) رقم (٦٨٩)، من طريق العباس بن عبد الله الترقفيِّ عن محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري عن يحيى بن هانئ به. وإسناده صحيحٌ.
(٤) "معالم السنن" (٤/ ١٣٠).
(٥) انظر: رقم (٨١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>