فتثبت بهذه الطرق روايةُ الرفعِ عن سعدِ بنِ سعيدٍ الأنصاريِّ، وقد صحَّح روايةَ الرفعِ عنه الإمام الدارقطني في "العلل" (١٤/ ٤١٠). وسعد بن سعيد بن قيس الأنصاري: وثقه ابنُ سعد (الطبقات "القسم المتمم" /٣٣٩)، وابن معين "ابن محرز" (١/ ٩٦)، والعجلي "معرفة الثقات" (١/ ٣٨٩)، وابن عمارٍ "تاريخ أسماء الثقات" (٩٦)، واحتجَّ به مسلم. وفي "الجرح" (٤/ ٨٤): "حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت أبي يقول: سعد بن سعيد الأنصاري مؤدي. قال أبو محمد: يعني: أنه كان لا يحفظ، يؤدي ما سمع"، وقال ابن عدي: "ولسعد بن سعيدٍ أحاديثُ صالحةٌ تقرب من الاستقامةِ، ولا أرى بأسًا بمقدارِ ما يرويه" "الكامل" (٣/ ٣٥٢). وضعفه أحمد "العلل ومعرفة الرجال" (١/ ٥١٣)، وقال الترمذي: "تكلموا فيه من قِبَلِ حفظه" "تهذيب التهذيب" (٣/ ٤٠٩)، وقال النسائي: "ليس بالقوي" "الضعفاء" (١٣١). فالأظهر في حاله -والله أعلم- أنه ثقةٌ، لكن يُتقى مما يرويه ما فيه مظِنَّةٌ للخطأ بسبب حفظِه؛ كأنْ ينفردَ بروايةٍ يخالفُ غيرَه فيها من الثقاتِ، أو يظهر من سياق الأسانيدِ اختلافٌ عليه فيُخشى أن يكون الاضطرابُ منه بسببِ حفظِه ونحوَ ذلك. وليست روايته هنا من هذا؛ فقد روى عنه جماعةٌ من الثقات الحديثَ على وجهٍ واحدٍ، ومع ذلك تابعه غيرُه على الرفعِ كما سيأتي. الطريق الثاني عن عمرة: طريق أبي الرِّجالِ محمد بن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاري، وهو ثقةٌ متفقٌ على توثيقه من رجال الشيخين، وعنه من طريقين: ١ - طريق عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمنِ -ابن أبي الرجالِ-: أخرجها أحمد في "المسند" (٤١/ ٢٥٨) رقم (٢٤٧٣٩). وعبد الرحمن بن أبي الرجال: وثقه ابن معين "الدوري" (٣/ ١٦٥)، وأحمد "العلل" (٢/ ٤٧٦)، والدارقطني "البرقاني" (٤٤)، وقال أبو زرعة: "يرفع أشياء لا يرفعها غيره" "البرذعي" (٢/ ٤٢٢)، وقال ابن عدي: "قد وثقة الناس، ولولا أن في مقدار ما ذكرتُ من الأخبار بعض النُكرة لما ذكرتُ … ، وأرجو أنه لا بأس به" "الكامل" (٤/ ٢٨٥). فمثلُه يُتَوقَّفُ في قبول ما انفرد به، لكنه ليس ساقطًا عن الاعتبار، وقد توبع. ٢ - طريق سفيان الثوري: وحديثه عند الدارقطني في "العلل" (١٤/ ٤١١)، من طريق محمد ابن سهل بن عسكر عن عبد الرزاق عنه. ومحمد بن سهل بن عسكر: أخرج له مسلم، ووثقه النسائي "تاريخ بغداد" (٥/ ٣١٣)، =