للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأبي داود عن ابن مسعود رفعه: "المهديُّ من أهل بيتي، يُواطِئ (١)


= والخلاصة: قد أعل هذا الحديث جماعة من العلماء، منهم: البخاري والعقيلي وابن عدي والمنذري في "مختصر السنن"، وابن الجوزي والذهبي في "الميزان" (٢/ ٨٧). بينما حسنه أو صححه آخرون، منهم: أبو داود بسكوته عليه، والبغوي في "مصابيح السُّنَّة" رقم (٤٢١١) بذكره في فصل الحسان منه، وقال القرطبي في "التذكرة" (ص ١٢٠٥): "الأحاديث عن النبي في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة". وصححه السيوطي في "الجامع الصغير" رقم (٩٢٤١)، وحسنه المناوي في "التيسير" (٢/ ٤٥٨)، وكذا العزيزي في "السراج المنير" (٣/ ٣٨١)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٦٧٣٤) ولكنه قال في "الضعيفة" -وليست الصحيحة! - (١/ ١٨١): "هذا سند جيد ورجاله كلهم ثقات وله شواهد كثيرة".
وقال الدكتور عبد العليم عبد العظيم في رسالته المسماة بـ "الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح والتعديل" (ص ١٥٩) بعد سرد أقوال المعلِّين للحديث: "ومن هنا نرى أنهم لم يجدوا علة قادحة واضحة في هذا الحديث، ولذلك اختلفوا، فمنهم من يرى أن زياد بن بيان واهم في هذا استئناسًا بقول البخاري، ومنهم من يرى أن النفيلي هو المتوهم تبعًا للعقيلي. ولكن إذا نظرنا في رجال الإسناد لم نرى فيهم مغمزًا، فكلهم من الذين يحتج بأمثالهم لدى العلماء. أما كلام العقيلي في علي بن نفيل بأنه لا يتابع عليه فلا حاجة له إلى المتابعة، وأما قول البخاري في ترجمة زياد بن بيان: "في إسناده نظر" فليس جرحًا للراوي، ولكنه يرى النظر في إسناد الرواية، ولم أجد من فسر وجه النظر هذا. فإذا تبين لنا صدق الرواة وعدالتهم فلا يؤثر فيهم هذا الجرح غير المفسر … " ثم قال: "النتيجة: إسناده حسن". اهـ.
ولا شك أن من أعله أرجح علمًا وفهمًا، فالبخاري إمام في "العلل"، وهذا التعليل منه يوجب التوقف في قبول الخبر، ولا يشترط تفسير تعليل النقاد لاعتبار قولهم. قال ابن مهدي : "معرفة علة الحديث إلهام، لو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة، وكم من شخص لا يهتدي لذلك". وقيل له أيضًا: "إنك تقول للشيء: هذا صحيح، وهذا لم يثبت فعمَّنْ تقول ذلك؟ فقال: أرأيتَ لو أتيتَ الناقد، فأَرَيْتَه دراهمك، فقال: هذا جيد، وهذا بهرج، أكنت تسأل: عن من ذلك أو تسلِّم له الأمر؟ قال: بل أسلِّم له الأمر، قال: فهذا كذلك، لطول المجالسة والمناظرة والخبرة". انظر: "تدريب الراوي" (١/ ٢٩٦). ومن صححه أو حسنه فإنما نظر إلى ظاهر الإسناد، وقد علمت أن العلة سبب خفي يقدح في صحة الحديث مع أن ظاهره السلامة منه، والله أعلم.
(١) من المواطأة وهي الموافقة. انظر: "النهاية" (٢/ ٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>