للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو من البتّ أي: القطع؛ يريد أنه بقي في طريقه عاجزًا عن مقصده، لم يقض وطره، وقد أعطب ظهره، والوغول (١): الدخول في الشيء فكأنه قال: إن هذا الدين مع كونه سهلًا (٢) يسيرًا صلب شديد، فبالغوا فيه في العبادة، لكن اجعلوا تلك المبالغة مع رفق؛ فإن الذي يبالغ فيه بغير رفق، ويتكلف من العبادة فوق طاقته، يوشك أن يمل حتى ينقطع عن الواجبات، فيكون مثله مثل الذي يعسف الركاب ويحملها من السير على ما لا تطيق، رجاء الإسراع فينقطع ظهره؛ فلا هو قطع الأرض التي أراد، ولا هو أبقى ظهره سالمًا ينتفع به بعد ذلك.

وهذا كالحديث الآخر: "إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه". أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة (٣) كما سيجيء في: "من يشاد … " (٤). وكقوله: "سددوا وقاربوا" (٥)؛ أي: اقصدوا: السداد الصواب، ولا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة، لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال، فتتركوا العمل فتفرطوا.


= فالحديث منكر بهذا الوجه على ما تفيده عبارات الأئمة.
بل هو قول أحمد صراحة فإنه كان قد حدث بهذا الحديث من هذا الوجه ثم تركه وكان يقول: "هو منكر".
حكاه عنه ابن أخيه حنبل بن إسحاق الشيباني كما في: (الجزء العاشر من المنتخب) لابن قدامة مخطوط الظاهرية من جوامع الكلم.
وهي فائدة عزيزة جدًّا. ومنه نعلم بأن قول السخاوي: هذا الحديث أجود مما قبله فقوله: "أجود" ليست على بابها، بل هي بمعنى أقل ضعفًا.
يدل على ذلك قوله في "الأجوبة المرضية" (١/ ١٥): وعلى كل حال فالحديث ضعيف إلا أن هذه الطريق على اختصارها أجود مما قبلها.
(١) في (ز): "والوغل".
(٢) غير واضحة بالأصل بسبب الطمس وهي واضحة في (ز) و (م) و (د).
(٣) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر (١/ ١٦)، (ح ٣٩).
وأخرجه أيضًا النسائي في الصغرى، كتاب الإيمان وشرائعه، الدين يسر، (ص ٧٦٤)، (ح ٥٠٣٤)، وابن حبان (٢/ ٦٣)، (ح ٣٥١) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(٤) في حرف الميم برقم (١٢٠٤).
(٥) أورده المؤلف في حرف السين بترجمة مستقلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>