قلت: لم يوثقه أبو حاتم، بل قال عنه: محله الصدق، ومعناه كما فسرها هو في مقدمة "الجرح والتعديل" (٢/ ٣٧): ممن يكتب حديثه وينظر فيه. وأما توثيق دحيم فلا يصلح أن نعارض به تضعيف الأئمة قاطبة؛ لأن دحيمًا ورد عنه تضعيفه كما أشار الهيثمي إليه، فقد روى أبو زرعة الدمشقي عن دحيم قوله: مضطرب الحديث ضعيف. وعبارة أحمد: ما كان من حديثه مرفوعًا فهو منكر، وقال مرة: ليس يسوى شيئًا؛ أحاديثه مناكير. وقال مسلم: منكر الحديث وقال ابن عدي: وأحاديث صدقة منها ما توبع عليه وأكثره مما لا يتابع عليه وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق. "الكامل" (٤/ ٧٦)، وانظر: "تهذيب التهذيب" (٢/ ٢٠٦). وذكره الحافظ في "تعجيل المنفعة" (١/ ٦٦٥) وقال: المعروف بالضعف. ولذا لم يعتدّ بها الدارقطني فقد ذكرها في العلل، وصوّب رواية الإرسال، وكذلك في "سننه" إلا أنه سمى شيخ صدقة (محمد بن سعيد الوصيف) كذا بـ "العلل" (٨/ ٣٠) وقال في "سننه"، كتاب الصلاة، (١/ ٤٢٧)، (ح ٨٨٣) ورواه صدقة عن محمد بن سعيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن النبي ﷺ ولا يصح الحديث وصدقة ومحمد بن سعيد ضعيفان والمرسل هو الصواب. قلت: ولم أقف على راو يقال له الوصيف إلا إن قصد محمد بن سعيد المصلوب وهو متروك باتفاق. فقد ذكر الذهبي أن من روى عنه سمّوه بأسماء كثيرة من باب الستر والتعمية والتدليس. ومهما يكن من شيء، فلا يصلح أن تكون متابعة؛ وذلك للمخالفة؛ فإن صدقة خالف في إسناده قرة وهما ضعيفان وبهذا أعلها الدارقطني وكذا الألباني في "الإرواء" (١/ ٣٢). فالصواب في الحديث هو الإرسال كما ذهب إليه أبو داود، وتابعه البيهقي، وصوّبه الدارقطني مع إعلاله للموصول من وجهيه، وتابعهم الشيخ الألباني كما سبق. بل ذكر ابن الملقن كما في "البدر المنير" (٧/ ٥٢٨) أن النسائي ادّعى الصواب في رواية الإرسال. ولم أقف على تصريح النسائي أنه رجح الإرسال إلا أنه لما روى الحديث من وجهيه قال عقب رواية عقيل عن الزهري مرسلًا: "مرسل". وزاد الشيخ الألباني أن قرة قد اضطرب في متنه فقد تعددت وتغايرت الألفاظ في الرواية عنه، فمرة يقول: "كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله … ". ومرة: "بسم الله الرحمن الرحيم". ومرة: "بذكر الله" ومرة يقول: "أبتر" ومرة "أقطع" ومرة "أجذم" ومرة "أجزم".