وذهب أبو داود وغيره إلى أنه يعني به: السدرة في طريق الناس يستظلون به، أو لقوم آخرين بلا حق. ويؤخذ عليهما معًا أن ذلك لا يختص بالسدرة، بل عام في جميع أشجار الحرم، وفي جميع أموال الناس. وتقدم عن الثوري عدم اعتباره للحديث، كما تقدم إنكار هشام بن عروة له، وهكذا نقل أبو يعلى الحنبلي في "العدة في أصول الفقه" (٤/ ١١٨١، و ١٢٤١) عن أبي طالب، عن الإمام أحمد أنه قال: "ليس فيه حديث صحيح، وما يعجبني قطعه"، قيل له: إذا لم يكن فيه حديث صحيح فلم لا يعجبك؟ قال: "لأنه على كل حال قد جاء فيه كراهة"، وهكذا روى عنه الكراهة الكوسج في "مسائله" (٩/ ٤٨٦٥ - ٤٨٦٦)، رقم (٣٥٦٥ - ٣٥٦٦) وغيره، وحمله أبو يعلى الحنبلي في "العدة" وغيره على العمل بالحديث الضعيف عند عدم وجود ما يعارضه في الصحيح. والله أعلم. وقال العقيلي في "الضعفاء" (٤/ ٣٩٥): "الرواية في هذا الباب فيها اضطراب وضعف، ولا يصح في قطع السدر شيء"، وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٨/ ٣٥٠)، رقم (١٢١٦١): "هذا الحديث روي موصولًا ومرسلًا، وأسانيده مضطربة معلولة، وفي بعضها: "إلا من زرع"، ومدار أكثرها على عروة بن الزبير، وقد روي أن عروة كان يقطعها من أرضه"، ونحوه قول ابن الأثير في "النهاية" (٢/ ٢٩٨)، وزاد: "وأهل العلم مجمعون على إباحة قطعه"، وهذا هو نفس ما علل به الثوري، والمزني وغيرهما. وتابع الإمام أحمد والعقيلي على ما تقدم عنهما ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢/ ١٦٧ - ١٦٨)، وابن القيم في "المنار المنيف" (ص ٨٢)، وعمر بن بدر الموصلي في "المغني عن الحفظ والكتاب" (باب النهي عن قطع السدر، ص ٤٣٧)، وإليه يميل كلام ابن مفلح في "الآداب الشرعية"، مع أنه جود فيه إسناد حديث عبد الله بن حبشي، ولكنه ذكر أن بعض الأئمة أعله برواية معمر عن عثمان بن أبي سليمان عن رجل من ثقيف عن عروة بن الزبير مرسلًا. وقد أعل المزني متنه بما صح من الأمر بغسل الميت بماء وسدر، كما سيذكره المؤلف لاحقًا. والله أعلم. (١) هو: حسان بن إبراهيم بن عبد الله الكرماني -قاضيها-، أبو هشام العنزي: صدوق يخطئ، من الثامنة، مات (١٨٦ هـ)، وله مائة سنة، خ م د. "التقريب" (١١٩٤). =