رواه البردعي في "سؤالاته" (٢/ ٦٨١) عن أبي زرعة، عن علي بن الجعد، عن شعبة، وهو متصل بالسماع، ولعل شعبة استنكر منه قوله: "ورجل اجتهد فأخطأ فهو في النار"، والمجتهد المخطئ مأجور، كما صح من حديث عمرو بن العاص ﵁ (صحيح البخاري، ح ٧٣٥٢)، وهكذا أنكره الحسن البصري من قبل، فقال: "إن فيما قص الله من نبأ داود وسليمان ﵇ ما يرد قول هؤلاء الناس، قال الله تعالى: ﴿وّدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨)﴾ إلى قوله: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾، فأثنى الله على سليمان، ولم يذم داود. ثم قال الحسن: إن الله اتخذ على الحكماء ثلاثًا: لا يشترون به ثمنًا قليلًا، ولا يتبعون فيه الهوى، ولا يخشون فيه أحدًا، ثم تلا: ﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦]، وقال: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: ٤٤]، وقال: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [المائدة: ٤٤]. أخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر في "التفسير" -كما في "تفسير ابن كثير" (٥/ ٣٥٦)، و"الدر المنثور" (٥/ ٦٥٠) -، وابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف" (ح ٢٥٤)، -وعنه وكيع القاضي في "أخبار القضاة" (ص ١٩٩ - ٢٠٠) -، وأبو نعيم في "الحلية" -كما في "الفتح" (١٣/ ١٤٧) -، جميعهم من طريق جماعة عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن به، إلا أبا نعيم الأصبهاني؛ فمن طريق أبي العوام عن قتادة عن الحسن. وإسناده صحيح متصل بالسماع، وعليه علقه البخاري في "الصحيح" (بعد الحديث: ٧١٦٢)، وفي لفظه: "فحُمِد سليمان، ولم يُلَم داود، ولولا ما ذكر الله من أمر هذين لرأيت أن القضاة هلكوا، فإنه أثنى على هذا بعلمه، وعذر هذا باجتهاده"، ولم يذكر البخاري قصة إياس بن معاوية، وذكره لمعنى هذا الحديث. ولِما تقدم أوَّلَ أبو العالية الرياحي لفظ الرواية عن علي ﵁ بما ورد في حديث بريدة ﵁ من تقييده بمن تقلد القضاء وهو جاهل، وأما باقي المتن فقد صح في حديث بريدة ﵁ المتقدم. ولأثر علي ﵁ هذا طريقان آخران: ١ - أورده البخاري في "التاريخ الكبير" (٧/ ٢١ - ٢٢)، رقم (٩٥)، من طريق عياض بن عبد الرحمن الحجبي المديني، عن أبيه، عن علي ﵁، قال: "القضاة ثلاثة". مختصرًا. وعياض بن عبد الرحمن: سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" =