للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بلفظ: "عدل الله" أظهر في المعنى، من الرواية بلفظ: "عبد الله" (١).

وأما قول القائل: كيف يجوز وصفه بالظلم وينسب إلى أنه عدل من الله تعالى؟ فجوابه: أن المراد بالعدل هنا ما يقابَل بالفضل، والعدل: أن يعامل كل أحد بفعله إن خيرًا فحْير، وإن شرًا فشر. والفضل: أن يعفو مثلًا عن المسيء.

وهذا على طريق أهل السُّنَّة بخلاف المعتزلة، فإنهم يوجبون عقوبة المسيء، ويدعون أن ذلك هو العدل، ومن ثَمَّ سمُّوا أنفسهم "أهل العدل" و"العدلية"، وإلى ما صار إليه أهل السُّنَّة يشير قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الأنبياء: ١١٢]؛ أي: لا تمهل الظالم ولا تتجاوز عنه، بل عجل عقوبته؛ لكن الله يمهل من يشاء، ويتجاوز عمن يشاء، ويعطي من يشاء، لا يسأل عما يفعل (٢).

وسبقه إلى نفي وجوده أيضًا الزركشي، فقال: "لم أجده، لكن معناه مركب من حديثين صحيحين؛ أحدهما: "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" (٣)، وفي رواية للنسائي: "بقوم لا خلاق لهم" (٤)، ثانيهما: "إن الله


(١) في (أ) و (ز): "عدل الله"، والمثبت من: "ق" و (عز) و (زك)، وهو الصواب. والله أعلم.
(٢) لم أقف على الفتيا المذكورة، والمسألة المشار إليها من مسائل العقيدة المتعلقة بقدر الله وقدرته، وأحكام العصاة. وانظر لها: "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي (ص ٢٤١).
(٣) أخرجه البخاري (ح ٣٠٦٢، ٤٢٠٤، ٦٦٠٦)، ومسلم (ح ١٧٨/ ١١١) عن أبي هريرة في حديث طويل، وهو عند الدارمي (٢٥٥٩)، والنسائي في "الكبرى" (٨٨٣٢، ٨٨٣٣) مختصرًا بموضع الشاهد منه فقط.
(٤) "السنن الكبرى" (ح ٨٨٣٤) عن أنس ، وأخرجه كذلك البزار (١٣/ ١٨٩)، رقم (٦٦٤١)، والطبراني في "الأوسط" (٢/ ٢٦٨)، رقم (١٩٤٨)، (٣/ ١٤٢)، رقم (٢٧٣٧)، و"الصغير" (١/ ٩٧)، رقم (١٣٢)، وصححه ابن حبان (١٠/ ٣٧٦)، رقم (٤٥١٧)، والعراقي في "المغني" (٣٤١٨)، والألباني في "صحيح الجامع" (١٨٦٦).
وفي الباب عن أبي بكرة، وعبد الله بن مغفل، وابن مسعود، وعمرو بن النعمان بن مقرن، وعبد الله بن عمرو .

<<  <  ج: ص:  >  >>