وهذا أعله أبو حاتم بقوله: "قيل لي: إنه يشبه أن يكون من حديث سليمان بن عمرو النخعي؛ لأن سليمان بن عمرو؛ هو ابن عَبدالله بن وهب النخعي، فتُرِك سليمان وجُعِل عبد الملك؛ لأن الناس كلهم عبيد الله، ونسب إلى جَدِّه وهب، والمذحج قبيلة من نخع. ويحتمل أن يكون هكذا؛ لأن الحر بن الصياح ثقة روى عنه شعبة والثورى والحسن بن عبيد الله وشريك، فلو أن هذا الحديث عند الحر كان أولَ ما يُسأل عنه، فأين كان هؤلاء الحفاظ عنه، والله أعلم" "العلل" (٢٦٨٦). وهذا يبدي عن علة قادحة في الحديث، وذلك أن مرده إلى أبي داود سليمان بن عمرو النخعي، وهو مشهور بوضع الحديث بلا خلاف فيه. والله أعلم. وفيه علة أخرى دون ذلك، وهي الانقطاع؛ وذلك أن أبا معبد الخزاعي توفي في حياة الرسول ﷺ، والحر ليس من المخضرمين ممن أدرك زمن النبي ﷺ، بل من طبقة ابن سيرين والحسن من أوساط التابعين؛ كما في "التقريب" (١١٥٩)، ومن هنا أشار لانقطاعه البخاري في "التاريخ" (٢/ ٨٤)، رقم (١٧٧١) ونص مسلم في "الكنى" (٢/ ٧٩٧)، رقم (٣٢٣٤) على أن حديثه مرسل، ويعني الانقطاع المذكور. والله أعلم. إلا أن الجملة المذكورة ليست من مسند أبي معبد ﵁، بل من مسند زوجه أم معبد ﵂، وعليه قال أبو حاتم الرازي وابنه: أول الحديث مسند عن أبي معبد، وذكر الصفة عن أم معبد "الجرح والتعديل" (٢/ ٣٤٠، ٣٥٠)، وذلك أن أبا معبد كان غائبًا في غنمه، ولم يشهد ما جرى. والله أعلم. وأخرجه الفسوي (٣/ ٢٧٦)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (٣٤٨٥)، والبغوي في "المعجم" (٢/ ٦٩)، رقم (٥٠٥)، والطبراني في "الكبير" (٤/ ٤٨)، رقم (٣٦٠٥)، والحاكم (٣/ ١١)، وأبو نعيم في "المعرفة" (٢٢٦٥، ٢٢٦٦) و"الدلائل" (٢٣٨)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (١/ ٢٧٧ - ٢٧٨)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (٤/ ١٩٦١) وغيرهم؛ من طرق عن محمد بن سليمان بن الحكم بن أيوب الخزاعي القديدي، عن عمه أيوب بن الحكم بن أيوب القديدي الخزاعي، ومن طريق مُكْرَم بن محرز بن مهدي القديدي الخزاعي عن أبيه، كلاهما: عن حزام بن هشام بن حبيش بن خالد عن أبيه عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول الله ﷺ -وهو أخو أم معبد- في قصة مهاجر النبي ﷺ ونزوله بخيمتي أم معبد، وفيه: "ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرَهم رسولُ الله ﷺ". =