وهذا الحديث مما لم يضبطه أبو بكر بن عياش، إذ تفرد بالرواية عن ذاك الشيخ -سمعان بن مالك-، واختلف عليه في اسمه على أربعة أوجه، كما تقدم، ولكن زيادة الحفر في المتن من أوهام الراوي عنه، وليس بمحفوظ عن أبي بكر بن عياش، كما تقدم عن الدارقطني. والله أعلم. وأما حديث أنس ﵁: فرواه الدارقطني -كما في "نصب الراية" (١/ ٢١٢) و"التلخيص الحبير"- قرطبة (١/ ١٨٤) وغيرهما -من طريق عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن أنس ﵁ مرفوعًا، بلفظ: "احفروا مكانه، ثم صبوا عليه ذنوبًا من ماء". وأعله الدارقطني بأن عبد الجبار تفرد به دون أصحاب ابن عيينة الحفاظ، وأنه دخل عليه حديث في حديث، حيث إن ابن عيينة يروي هذا الحديث عن يحيى عن أنس دون ذكر الحفر، وأما حديث "احفروا مكانه .. " فهو عند ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس مرسلًا، فغلط فيه عبد الجبار. والله أعلم. وانظر: "العلل المتناهية" لابن الجوزي (١/ ٣٣٣)، رقم (٥٤٥)، "تنقيح التحقيق" للذهبي (١/ ٢٦/ مسألة: ١٥). (١) لم أقف على مسند أنس ﵁، ومرسل طاووس عند الدارقطني في "السنن" ولا في "العلل". والله أعلم. فأما المسندان فتقدم تخريجهما، وأما المرسلان فهما روايتا عبد الله بن معقل، وطاووس بن كيسان. أما مرسل عبد الله بن معقل بن مقرن: فأخرجه أبو داود (٣٨١)، ومن طريقه الدارقطني (٤٧٩) والبيهقي (٢/ ٤٢٨) وفي "المعرفة" (١٣٧١) بإسناد صحيح إلى عبد الله بن معقل، قال: صلى أعرابي مع النبي ﷺ .. الحديث، وفيه: وقال النبي ﷺ: "خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه، وأهريقوا على مكانه ماء". قال أبو داود: "هو مرسل، ابن معقل لم يدرك النبي ﷺ"، ووافقه الدارقطني والبيهقي. وأما مرسل طاووس: فأخرجه عبد الرزاق (١/ ٤٢٥)، رقم (١٦٥٩، ١٦٦٢) من طريقين عن طاووس، قال: بال أعرابي في المسجد، فهمَّ به القوم، فقال النبي ﷺ: "احفروا مكانه، واطرحوا عليه دلوًا من ماء". الحديث. وإسناده صحيح إلى طاووس، وعلته بما قبلَه الإرسالُ، ومخالفة الروايات المسندة الصحيحة. والله أعلم.