قال أبو عيسى: وحديث رافع بن خديج حديثٌ حسنٌ صحيح، وذُكِرَ عن أحمد ابن حنبل أنه قال: أصحُّ شيءٍ في هذا الباب حديثُ رافع بن خديج. وذُكِر عن على بن عبد الله أنه قال: أصحُّ شيءٍ في هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس؛ لأن يحيى بن أبي كثير روى عن أبي قلابة الحديثين جميعًا؛ حديث ثوبان، وحديث شداد بن أوس. وقد جاء عن أحمد ما يُخالف ما ذكره الترمذي، فقد روى البيهقي بإسناده إلى علي ابن سعيد النسوي قال: سمعتُ أحمدَ بن حنبل سُئل أيما حديث أصحُّ عندك في "أفطر الحاجم والمحجوم؟ " فقال: حديث ثوبان من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء عن ثوبان. فقيل لأحمد بن حنبل: فحديث رافع ابن خَدِيج؟ قال: ذاك تفرَّد به معمر. "السنن الكبرى" (٤/ ٢٦٧)، وكذا فقد خالفه -في جعله حديث رافع أصحَّ شيءٍ في الباب- جمعٌ من الأئمة؛ فقال الترمذي: سألتُ محمدًا عن هذا الحديث فقال: غير محفوظ. وسألتُ إسحاقَ بن منصور عنه فأبى أن يحدِّثَ به عن عبد الرزاق، وقال: هو غلطٌ. قلت له: ما علته؟ قال: روى عنه هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن السائب ابن يزيد، عن رافع بن خديج، عن النبي ﷺ قال: "كسبُ الحجام خبيث، ومهرُ البغيِّ خبيث، وثمن الكلب خبيث". "العلل الكبير؛ ترتيب أبي طالب" (ص ١٣٠ رقم ٢٠٨). وقال أبو حاتم: واغترَّ أحمدُ بن حنبل بأنْ قال: الحديثان عنده، وإنما يروى بذلك الإسناد عن النبي ﷺ: "أنه نهى عن كسب الحجام، ومهر البغي"، وهذا الحديث في: "يفطر الحاجم، والمحجوم" عندي باطل. "علل الحديث لابن أبي حاتم" (مسألة ٧٣٢). (١) من ذلك ما رواه ابن الجارود في "المنتقى" (ص ١٠٥ رقم ٣٨٧)، والبزار في مسنده (٨/ ٨٢ رقم ٣٠٨١)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٤٢٩) من حديث أبي موسى. وقال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وساق بإسناده إلى علي بن المديني قال: قد صحَّ حديث أبي رافع، عن أبي موسى أنَّ النبي ﷺ قال: "أفطر الحاجم والمحجوم". وما رواه أحمد في مسنده (٣٩/ ٣٢٢ رقم ٢٣٨٨٨)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١/ ٣٦٥ رقم ١١٢٢) من طريق شهر بن حوشب، عن بلال مرفوعًا به. وشهر بن حوشب؛ صدوق كثير الإرسال والأوهام، كما تقدم في الحديث (٨). وروايته عن بلال مرسلة، كما قال أبو حاتم. "المراسيل لابن أبي حاتم" (ص ٨٨ رقم ٣٢٢). =