وبعد عزو الحديث يتبين أن الحديث اختلف فيه وقفًا ورفعًا عن أبي هريرة. فالمدار على جرير بن يزيد البجلي واختلف عليه: فرواه عنه عيسى بن يزيد الأزرق عن جرير بن يزيد عن أبي زرعة عن أبى هريرة مرفوعًا. وخالفه يونس بن عبيد فرواه عن جرير به موقوفًا من قول أبي هريرة. وروايته بلا شكَّ أرجح؛ لأنه ثقة ثبت وأما مخالفه عيسى بن يزيد الأزرق فضعيف، وثقه ابن حبان وقال ابن حجر: مقبول. انظر "الثقات" (٨/ ٤٩٠)، "التقريب" (ص ٧٧٣). ورواية يونس بن عبيد رواها عنه إسماعيل بن علية واختلف عليه: فرواه النسائي عن شيخه عمرو بن زرارة عن إسماعيل بن علية قال: حدثنا يونس بن عبيد عن جرير بن يزيد عن أبي زرعة قال: قال أبو هريرة … موقوفًا. وتابعه على وقفه يحيى بن بشر، أخرجها البخاري في "تاريخه الكبير" (٢/ ٢١٣) ومسدد كما عند الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٦٤)، والحسن بن محمد الزعفراني عند المحاملي في "أماليه" (ص ٣٥)، (ح ٣٨). فهؤلاء الأربعة تتابعوا على وقفه. وخالفهم محمد بن قدامة المصيصي فرواه: عن ابن علية عن يونس عن جرير بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعًا. ومرة يرويه عن ابن علية عن يونس عن عمرو بن سعيد عن جرير به. فخالفهم في إسناده ووقفه. فمحمد بن قدامة هو المتفرد برفعه، وخالف الجماعة الذين أوقفوه كعمرو بن زرارة ومسدد ويحيى بن بشر والزعفراني وهم ثقات أثبات، فروايتهم هي المحفوظة؛ لأنهم أثبت وأوثق وأكثر عددًا ورواية ابن قدامة شاذة. وقد رجح الوقف الإمام النسائي حيث أورد الطريقين في "سننه" وقال عقب الموقوفة: وهذا الصواب. "السنن الكبرى" (٧/ ١٩)، ورجحها أيضًا الدارقطني في "العلل" (١١/ ٢١٣). لكن الأثر مع ترجيح وقفه في سنده ضعف، من أجل جرير بن يزيد البجلي، قال عنه أبو زرعة: شامي منكر الحديث. =