ثم ذهب إلى نقضها وبيان انقطاع سندها. وقال أيضًا في "المنهاج" (٨/ ٤٧): ولهم -أي: الصوفية- إسناد آخر بالخرقة المنسوبة إلى جابر ﵁ وهو منطقع جدًّا، وقد عقل بالنقل المتواتر أن الصحابة لم يكونوا يلبسون مريديهم خرقة. (١) لم أقف على هذا النص بحروفه من كلام الحافظ، لكني وقفت على مضمونها حيث نقل عنه السخاوي في "الجواهر والدرر" (٢/ ٩٤٠) أنه سئل عن الخرقة الصوفية فقال: "إنَّ ذلك مَا لم أتشاغل به قطُّ؛ لتحَقُّقِ بطلان كل ما ورد في ذلك". (٢) لا شك في معاصرة الحسن لعلي ﵁؛ فإن الحسن وُلد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، وتوفي علي وللحسن ما يقرب من عشرين عامًا، وأقوال الأئمة دائرة على الإدراك والرؤية دون السماع، وقد قال الترمذي: "قد كان الحسن في زمن علي وقد أدركه، ولكنا لا نعرف له سماعًا منه". وكما هو معلوم فإنه لا يلزم من الإدراك والرؤية ثبوت السماع وحمل العلم؛ فإن الإدراك والرؤية شيء، والسماع شيء آخر، كما يدل عليه صنيع المحدثين في بعض الرواة. وذهب ابن المديني وأبو زرعة والمزي إلى إثبات رؤيته -وهو قدر زائد على الإدراك- لعلي ﵁ وهو صبي، لكنه لم يسمع منه حديثًا. وجزم ابنُ معين بعدم سماعه من علي. وقال ابن المديني: لم يسمع الحسن من أحد في المدينة إلا من عثمان بن عفان. وقال أيوب وقتادة وابن حبان: لم يثبت له سماع من أحد من أهل بدر. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (ص ٣١ وما بعدها)، "الثقات" (٤/ ١٢٣)، "تهذيب الكمال" (٦/ ٩٥). ومن هذا نعلم أن ما استقر عليه الأئمة المتقدمون من الحفاظ والنقاد عدم ثبوت سماع الحسن من علي، وإن كان قد رآه وأدركه، ولم ينقل عن واحد منهم إثبات سماعه من علي ﵁. وقد وقفت على كلمة لشيخ الإسلام في "منهاج السُّنَّة" (٨/ ٤٥) تفيد حكاية الإجماع =