للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا، إذا عَلِمَ هذا" (١).

وقد قرأتُ بخطِّ شيخِنا: إنَّه -يعني هذا الحديث- حديثٌ مشهورٌ على الألسنة، وقد أورده ابنُ الحاجب في "المختصر" (٢) في مباحثِ القياسِ بلفظ: "اختلافُ أمتي رحمةٌ للناس".

وكَثُرَ السؤالُ عنه، وزَعَمَ كثيرٌ من الأئمة أنه لا أصلَ له، لكنْ ذكره الخطابيُّ في "غريب الحديث" (٣) مُستطردًا، وقال: اعتَرَضَ على هذا الحديث رجلان: أحدهما ماجِنٌ، والآخر مُلْحِدٌ؛ وهما: إسحاق المَوصلي (٤)، وعمرو بن بحرٍ الجاحظ (٥)، وقالا جميعًا: لو كان الاختلافُ رحمةً لكان الاتفاقُ عذابًا، ثم تَشَاغَل الخطابيُّ بردِّ هذا الكلام، ولم يقعْ في كلامه شِفاءٌ في عزوِ الحديث، ولكنَّه أشعَرَ بأنَّ له أصلًا عنده (٦).

ثم ذكر شيخنا شيئًا مما تقدَّم في عَزوه.


(١) لم أقف عليه مسندًا، وهو في "السير" للذهبي (٥/ ٤٧٣) قال: ابن بكير: حدثنا الليث به فذكره.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ في "مختصر ابن الحاجب" المطبوع مع شرحه "رفع الحاجب" للسبكي. والذي وجدته فيه (٢/ ١٩٧)، وفي مواضع متفرقة من مبحث القياس بلفظ: "أصحابي كالنجوم … ".
(٣) كلام الخطابي في كتابه "أعلام الحديث" (١/ ٧٣) بمعناه، وليس في "غريب الحديث".
(٤) إسحاق الموصلي؛ هو إسحاق بن إبراهيم بن ميمون أبو محمد التميمي … برع في علم الغناء وغلب عليه، فنسب إليه … توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. "تاريخ بغداد" (٧/ ٣٥٤ رقم ٣٣٣٣).
(٥) عَمْرو بن بَحْر بن مَحْبوب الجاحظ؛ أبو عثمان البصري المعتزلي، قال الذهبي: كان ماجنًا قليل الدين، له نوادر .. مات سنة خمسين ومئتين … "السير" (١١/ ٥٢٦ - ٥٢٨).
(٦) لكنَّ الحديث لم يصحّ، ولو صحَّ فإنه يُحملُ على الاختلاف في الفروع دون الأصول، أمَّا الاختلاف في الأصول، فإنَّه لا يكون ممدوحًا بحال، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١)﴾ [الروم].

<<  <  ج: ص:  >  >>