قال الحاكم: "كنت أحسب دهرًا أن المسمعي ينفرد بهذا الحديث عن أبي نعيم، حتى حدثناه أبو محمد السبيعي الحلبي، عن ابن ناجية، عن حميد بن الربيع الخزاز"، وقال في الموضع الأخير: "صحيح الإسناد". وقال الذهبي في "الميزان" (٣/ ٣٦٨) -بعد ما ساقه برواية ابن حبان، وحكمه-: "رواه الحاكم في المستدرك من وجهين، عن أبي نعيم، فالثلاثة الراوون له عن أبي نعيم مقدوح فيهم". ويعني بالثلاثة المسمعي، وحميد بن الربيع، والقاسم بن إبراهيم الهاشمي، وقد أغفل من رواته عن أبي نعيم أربعة آخرين، وعليه تعقبه الحافظ ابن حجر في "اللسان" (٦/ ٣٦٦)، فقال: "قد أخرجه الحاكم في "المستدرك" من طريق ستة أنفس عن أبي نعيم، وقال صحيح، ووافقه المصنف في "تلخيصه"". وكل هذه الأقوال نظرت إلى ظاهر الإسناد من جهة تعدد طرقه عن أبي نعيم، ثم صحة الإسناد من أبي نعيم فما فوق. وهذا له وجه ما إن ثبت الإسناد إلى أبي نعيم، ولكنه كما قال ابن حبان في "المجروحين" -وكأنه أقره عليه الدارقطني في "تعليقاته" (٢٨٦) -: "لا أصل له"، فهو حديث موضوع على أبي نعيم، وهو الإمام الثبت، شيخ الأئمة والحفاظ؛ أحمد وابن معين وابن المديني والبخاري وغيرهم، فكيف فات هذا الحديث جميعهم، ثم تفرد به عنه كل كذاب ومتهم، أو مجهول؟!، ولا يصح الحديث بتكاثر المتهمين ومن لم يعرف بعدالة على روايته. وإليك بيان أحوال الطرق السالفة. أما الطريق الأول: ففيه محمد بن شداد المسمعي، المعتزلي: فقال أبو محمد السبيعي الحلبي -وأقره عليه الحاكم-: "لا يذكر في الحديث"، وضعفه الدارقطني، وقال: "لا يكتب حديثه"، ووهاه البرقاني جدًّا، واتهمه الذهبي. انظر: "تاريخ بغداد" (٢/ ٤٢٧ - ٤٢٨)، رقم (٩٤٤)، "تاريخ دمشق" (١٣/ ١٤)، "الميزان" (٣/ ٥٧٩)، رقم (٧٦٦٥). وأما الطريق الثاني: ففيه حميد بن الربيع الخزاز، اللخمي، الكوفي: وهو ذاهب الحديث، متهم بالسرقة والوضع، وكذبه ابن معين وغيره، واتهمه أبو أحمد الحاكم وابن عدي بسرقة الأحاديث، وإلزاق أحاديث الضعفاء بالثقات، وتركه أبو حاتم الرازي والنسائي وغيرهما. انظر: "الضعفاء" للنسائي (١٤٢)، "الجرح والتعديل" (٣/ ٢٢٢)، رقم (٩٧٤)، "الأسامي والكنى" للحاكم (٣/ ٣٥٢)، رقم (١٤٨٩)، "الكامل" =