وذهب السخاوي وغيره ممن حكم بثقة رجال الإسناد إلى أنه موسى بن داود الضبي أبو عبد الله الطرسوسي قاضيها -قال ابن أبي حاتم وغيره: كوفي الأصل، وقال ابن حبان: مدني الأصل- وهذا وثقه الأئمة؛ ابن معين وابن نمير وابن سعد (٧/ ٣٤٥)، وابن عمار والعجلي وابن حبان (٩/ ١٦٠)، والدارقطني -وزاد: كان مصنفًا مكثرًا مأمونًا-، وأخرج له مسلم في الصحيح. وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن موسى بن داود، فقال: شيخ أدركته وطال مقامي بدمشق فورد علي نعيه"، ثم قال: "وذكر لأبي حديث رواه موسى بن داود، فقال: موسى بن داود في حديثه اضطراب"، وهذا الكلام اختصره المزي بقوله: "قال أبو حاتم: شيخ، في حديثه اضطراب". وفي هذا الاختصار شيء من الإخلال، والظاهر أنه عنى ذلك الحديث الخاص وما أشبهه. والله أعلم. وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (ح ٢٢٦) حديثًا له حكم أبو زرعة وأبو حاتم فيه بأنه دخل لموسى حديث في حديث، وذكر الدارقطني في "العلل" أوهامًا عديدة له، لا تزيد مجموعها على أن تكون من أوهام الثقات. ولخص ذلك الحافظ في "التقريب" (٦٩٥٩) بقوله: "صدوق، فقيه زاهد، له أوهام". وانظر: "الجرح والتعديل" (٨/ ١٤١)، رقم (٦٣٦)، "تاريخ بغداد" (١٣/ ٣٤ - ٣٦)، رقم (٦٩٩٠)، "تهذيب الكمال" (٢٩/ ٥٧ - ٦١)، رقم (٦٢٥١). والظاهر أن راوي هذا الحديث هو "الضبي" قاضي طرسوس، فقد ورد منسوبًا في روايته عن حماد بن سلمة في عدة روايات [انظر مثلًا: "تاريخ جرجان" (٢٧٧)، "المستدرك" (٢/ ٢١)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٥/ ٢٨٧)، وكذا أخرج له عن حماد؛ النسائي (٢٩٣٥)، وأبو عوانة (٦٧٦٨، ٦٧٨١)]. وظاهر كلام بقية الأئمة عدم التفريق بين قاضي طرسوس هذا، وبين الراوي عن حفص بن غياث، بل وصرح تلميذه محمد بن إسحاق الصغاني بنسبته الضبي في روايته عنه عن حفص بن غياث عند الطبراني في "الصغير" (٢٨١)، وعليه مشى الطبراني أثناء كلامه على الحديث، والدارقطني في "العلل" (٥/ ٢٩٨، ٣٠٠/ س: ٨٩٦، ٨٩٧)، فلا أرى لتفريق أبي حاتم الرازي وجهًا. والله أعلم.