وهذا الحديث ظاهر إسناده مستقيم إلا ما يخشى من تسوية بقية، وعليه حسنه الألباني في "الصحيحة" (٨١٦)، إلا أن إمامي العلل أبا حاتم وأبا زرعة أعلَّاه بأمرين آخرين: فأبو حاتم يُوَهِّم فيه بقية، وينفي أن يكون له أصل من حديث ابن أبي رواد، ويقول: "هذا حديث باطل، ليس له أصل من حديث ابن أبي رواد". "العلل" لابن أبي حاتم (٢٣٩٠). وأما أبو زرعة فيعله بتدليس بقية، وينفي سماعه له عن ابن أبي رواد، معللًا للتصريح الوارد في إسناد الحديث بأنه من رواية الحمصيين عن بقية، وأهل حمص لا يميزون صيغَ الأداء، ويغيرونها عن غير تنبه ويقظة، فيقول: "هذا حديث ليس له أصل؛ لم يسمع بقية هذا الحديث من عبد العزيز، إنما هو عن أهل حمص، وأهل حمص لا يميزون هذا". "العلل" (٢٥١٦). يعني أنه من رواية أهل حمص عن بقية، وهم لا يميزون ألفاظ بقية في صيغ الأداء كما ينبغي، وهذه فائدة جليلة هامة في سبر صيغ التحديث في الروايات، وسيما فيما ينكر من الحديث، من إمامين جليلين يتحدثان عن سبر وخبرة لحال أهل زمانهما، والله أعلم. (٢) أخرجه ابن عدي (٥/ ٢٩١) من طريق السري بن عاصم عن حفص بن عمر. والسري بن عاصم هو الهمداني أبو سهل مؤدب المعتز بالله العباسي: قال ابن عدي وابن حبان: "يسرق الحديث"، وكذبه ابن خراش واتهمه الذهبي. انظر: "المجروحين" (١/ ٣٥٥)، و"الكامل" (٣/ ٤٦٠)، رقم (٨٧٤)، والميزان (٣/ ١٧٤)، رقم (٣٠٩٢). وكان الأولى أن يبرزه المؤلف ﵀ مع حفص، وكلاهما متهمان. (٣) هو: حفص بن عمر بن ميمون -ويقال: دينار- أبو إسماعيل الأيلي: كذبه أبو حاتم =