ولهذه الروايات عن الدستوائي؛ قال ابن معين -فيما نقله العجلي في "معرفة الثقات" (١٧٨٧) -: "ممطور أبو سلام الأسود شامي تابعي ثقة، لم يسمع منه يحيى بن أبي كثير"، وكذا قال أحمد، فيما نقله الفسوي في "المعرفة" (٣/ ١٠)، وابن أبي خيثمة في "تاريخه" (٣/ ٣٤١)، رقم (١٢٦٠)، وابن عساكر (٦٠/ ٢٧٢)، وقال الدوري (٤/ ٣٠٧)، رقم (٣٩٨٤) عن ابن معين: "يحيى بن أبي كثير يقول: حدث أبو سلام، ولم يلقه ولم يسمع منه شيئًا"، وقال أيضًا (٣٩٨٣): " .. ولم يسمع من زيد بن سلام، إنما أخذ كتابه من أخيه معاوية ولم يسمعه، فدلسه عنه". وقال القطان -كما في "تاريخ ابن أبي خيثمة" (٣/ ٣٤٢)، رقم (١٢٧٠) -: "قرأ عليَّ هشامٌ كتابَ يَحْيَى بن أبي كثير مرتين أو ثلاثة، فكان يقول: "حدثنا يحيى بن أبي كثير"، ولا يقول: "يحيى قال: حدثنا فلان"، الذي فوق يحيى، يقول: عن أبي سَلَمَة، وعن فلان". فهذه تبين وهن الطرق التي جاء فيها: "حدثني أو حدثنا أبو سلام"، والغالب أنها تصحيف كما تقدم. والله أعلم. وتحقيق القول: أن رواية هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير أقرب من رواية معمر، فهشام أوثق الناس في يحيى كما قال أحمد -فيما رواه أبو زرعة الدمشقي عنه في "تاريخه" (١١٤٢) - وقد تابعه على ذكر أبي سلام في هذه الرواية -دون حفيده زيد بن سلام- ابنُ جابر ومعاويةُ بن سلام. ثم إن رواية معاوية وابن جابر أقرب؛ حيث إن معاوية حفيد أبي سلام وهما قد سمعا منه مباشرة، وأما يحيى فقد أخذ كتاب زيد بن سلام عن أخيه معاوية مراسلة دون السماع، ولا شك أن الكتاب والمكاتبة دون السماع على كل حال، ومعاوية -الوسيط في الكتاب- قد خالفه هنا. وأما خالد بن زيد -أو: ابن يزيد- الجهني، أو: عبد الله بن زيد -أو: ابن يزيد- الأزرق -على الخلاف في تسميته-: فمجهول؛ لم يرو عنه إلا أبو سلام ممطور، وقد اختلف عليه في اسمه فضلًا عن الجهل بمرتبته، ولذا قال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" - الأم (٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥): "إسناده ضعيف؛ لجهالة خالد بن زيد، والاضطراب الكثير في ضبط اسمه، وبه أعله الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (٢/ ٢٥٢) .. ومثل هذا الاضطراب في ضبط اسم الراوي؛ يدل على جهالته، وعدم شهرته بالرواية، وإليه أشار الحافظ بقوله في "التقريب" (٣٣٣٤، ١٦٣٤): "مقبول"، وإلا؛ لعرفوا اسمه على الضبط؛ فتصحيح إسناده لا يخلو من تساهل". ملخصًا. وأما تصحيح المنذري لإسناده، وتوثيق الهيثمي للأزرق فراجعٌ إلى ذكر ابن حبان له =