وعرضت لاختلافهم في المعنى الاصطلاحي ولو لفظيّا ليفيدنا في ذلك سعة علم الفقهاء باللغة فيعبرون عن المعنى الواحد بعبارات متعددة على غاية الإيجاز مما يتعذر على غيرهم فعله - وهذه تعريفاتهم ناطقة بما أقول - ولربما يكون تغير اللفظ منبها على نكتة خفية، واحتراز لم يتضح لنا، فنقلنا العبارة كما هي لينظر فيها الراسخون حتى يوقفونا على ما تحتوي عليه من درر وكنوز - وتجد هذا المعنى واضحا في بعض ما نورده من شرح وإيضاح لبعض التعاريف -.
ومن عجيب ما رأيت لفقهائنا أن المصطلح يكون له من المعاني اللغوية ما يزيد على العشرة، ثمَّ يؤتى بالمعنى الاصطلاحي فتجد له صلة ومساسا بكل معنى من هذه المعاني اللغوية، فانظر كيف انتزعت من كل معنى من المعاني اللغوية ما يصلح أن يكون وثيق الصلة بالمعنى الاصطلاحي، كمصطلح السنة مثلا، انظر إلى المعاني اللغوية له، ثمَّ انظر المعنى الاصطلاحي تجد له صلة ومساسا بجميع المعاني اللغوية.
وقد يتحد المعنى اللغوي لكثير من الألفاظ كالقصد الذي هو معنى الحج، وهو معنى التيمم، وهو معنى النية أيضا، فلما ذا خصت زيارة الكعبة لأداء النسك بأركان وشروط مخصوصة بالحج أو العمرة، وخص استعمال التراب بدلا عن الماء بكيفية مخصوصة بالتيمم، والتوجه بالقلب للّه تعالى بالنية.
وقد يفيد التعدد في ذكر التعاريف في معرفة الأطوار التي مر بها المصطلح كمصطلح الفقه مثلا.
ولما كان من المتعذر نقل كل التعاريف، كان لا بد من التخير منها فأختار أسهلها، وأشملها وأقلها ألفاظا، ولا أعدل عن تعريف إلى غيره من المراجع التي تحت يدي إلا لأمر رأيته.
ولا أعقد مقارنة بين التعاريف المتعددة في المذهب الواحد