في اجتهاده الكتاب والسّنة، كالفتوى ببيع أمهات الأولاد، بخلاف الجهل في موضع الاجتهاد، فإنه يصلح عذرا وهو الصحيح، وكذا الجهل في موضع الشبهة، وأما الجهل لذوي الهوى بالأحكام المتعلقة بالآخرة كعذاب القبر، والرؤية، والشفاعة لأهل الكبائر، وعفو ما دون الكفر، وعدم خلود الفسّاق في النار، فلم يكن هذا الجهل عذرا لكونه مخالفا للدليل الواضح من الكتاب والسّنة والمعقول، لكنه لما نشأ من التأويل للأدلة كان دون جهل الكافر.
وجهل مسلم في دار الحرب لم يهاجر إلينا بالشرائع كلها يكون عذرا حتى لو مكث ثمة مدة ولم يصلّ ولم يصم ولم يعلم أنهما واجبان عليه لا يجب القضاء بعد العلم بالوجوب، خلافا لقوم، لأن الخطاب النازل خفيّ في حقه، فيصير الجهل به عذرا، لأنه غير مقصر، وإنما جاء الجهل من قبل خفاء الدليل.