ترجع إلى الظهر معنى ولفظا بحسب اختلاف الأغراض، فيقال:«ظاهرت فلانا»: إذا قابلت ظهرك بظهره حقيقة، وإذا غايظته أيضا، وإن لم تدابره حقيقة باعتبار أن المغايظة تقتضي هذه المقابلة، وظاهرته: إذا نصرته، لأنه يقال:
«قاوى ظهره»: إذا نصره، وظاهر من امرأته: إذا قال: «أنت علىّ كظهر أمي»، وظاهر بين ثوبين: إذا لبس أحدهما فوق الآخر على اعتبار جعل ما يلي كل منهما الآخر ظهرا للثوب.
وغاية ما يلزم كون لفظ «الظهر» في بعض هذه التراكيب مجازا، وذلك لا يمنع الاشتقاق منه، ويكون المشتق مجازا أيضا.
وقيل: مأخوذ من الظهر، لأن الوطء ركوب، وهو غالبا يكون على الظهر ويؤيده أن عادة كثير من العرب وغيرهم إتيان النساء من قبل ظهورهن ولم تكن الأنصار تفعل غيره استبقاء للحياء وطلبا للستر، وكراهة لاجتماع الوجوه حينئذ والاطلاع على العورات، وأما المهاجرين فكانوا يأتونهن من قبل الوجه فتزوج مهاجرى أنصارية فراودها على ذلك فامتنعت، فأنزل اللّه تعالى: ﴿نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ﴾. [سورة البقرة، الآية ٢٢٣] على أحد الوجوه في سبب نزولها.
والظهار والتظهر والتظاهر مشتق من الظهر، وخصوا الظهر دون غيره، لأنه موضع الركوب، والمرأة مركوبة: إذا غشيت فكأنه إذا قال: «أنت علىّ كظهر أمي» أراد: «ركوبك للنكاح حرام علىّ كركوب أمي للنكاح» فأقام الظهر مقام الركوب، لأنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح، لأن الناكح راكب، وهذا من استعارات العرب في كلامها. وكان الظهار عند العرب ضربا من الطلاق.