على الغنى هبة، لأنها تحتمل التودد والتحبب والعوض فلا تتمحض صدقة.
- وفرق بين الهبة والصدقة في الحكم، وهو جواز الشيوع في الصدقة وعدم جوازه في الهبة حيث جاز صدقة عشرة دراهم على اثنين ولم يجز هبتها عليهما، والجامع بينهما تمليك العين بلا عوض فجازت الاستعارة، وعلى هذا فالرواية وقع في «كنز الدقائق» وصح تصدق عشرة وهبتها لفقرين لا لغنيين، فإن صدقة المشاع جائزة عند أبي حنيفة - رحمه اللّه تعالى - دون الهبة.
ووجه الفرق: أن الصدقة تكون ابتغاء لوجه اللّه تعالى فيراد بها الواحد ﷿ شأنه وبرهانه تعالى، فتقع في يده تعالى أولا، ثمَّ في يد الفقير لقوله ﷺ:«الصدقة تقع في كف الرحمن قبل أن تقع في كف الفقير»[أحمد ١٨/ ٢] واللّه تعالى واحد فلا شيوع، فالفقير نائب عنه تعالى، وكذا الفقيران والفقراء.
والهبة يراد بها وجه الغنى ويبتغى منها التودد والتحبب والعوض، أى يقصد بالهبة الموهوب له لأجل تودده وتحببه أو ليعطي عوض هبته، ولهذا صح الرجوع في الهبة دون الصدقة، وبتعدد الموهوب له يصير هبة المشاع، فإذا تصدق بعشرة دراهم لغنيين لا يجوز، لأن هذه الصدقة هبة في حقهما لما مر وهما اثنان، وهبة المشاع لا تجوز، وقالا [أى الصاحبان أبو يوسف، ومحمد بن الحسن]: تجوز لغنيين أيضا.
وأما على رواية الأصل فالصدقة كالهبة، فلا تصح إلا بالقبض ولا في مشاع يحتمل القسمة ولكن لا يصح الرجوع فيها، كما يجوز في الهبة وقد تطلق الصدقة على الزكاة اقتداء بقوله