للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المخاطرة، يقال: راهنه في كذا، وهم يتراهنون وأرهنوا بينهم خطرا.

وصورة هذا المعنى من معاني الرهان أن يتراهن شخصان على شيء يمكن حصوله كما يمكن عدم حصوله، كأن يقولا مثلا:

إن لم تمطر السماء غدا فلك على كذا من المال وإلا فلي عليك مثله من المال.

والرّهان بهذا المعنى حرام باتفاق الفقهاء بين الملتزمين بأحكام الإسلام من المسلمين والذميين، لأن كلاّ منهم متردد بين أن يغنم أو يغرم، وهو صورة القمار المحرم.

وأما الرّهان بين الملتزم وبين الحربي، فقد اختلف الفقهاء في تحريمه، فذهب الجمهور إلى أنه محرم لعموم الأدلة.

وقال أبو حنيفة: الرّهان جائز بين الملتزم والحربي لأن مالهم مباح في دارهم فبأي طريقة أخذه المسلم أخذ مالا مباحا إذا لم يكن غدرا، واستدل بقصة أبي بكر مع قريش في مكة قبل الهجرة لما نزلت آية: ﴿الم. * غُلِبَتِ اَلرُّومُ. * فِي أَدْنَى اَلْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ اَلْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ اَلْمُؤْمِنُونَ. * بِنَصْرِ اَللّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ اَلْعَزِيزُ اَلرَّحِيمُ﴾ [سورة الروم، الآية ١ - ٥]. فقالت قريش لأبي بكر : ترون أن الروم تغلب فارسا؟ قال: نعم، فقالوا:

أتخاطرنا على ذلك؟ فخاطرهم، فأخبر النبي ، فقال : «أذهب إليهم فزد في الخطر».

ففعل، وغلبت الروم فارسا، فأخذ أبو بكر خطره، فأجاز النبي ذلك [الدر المنثور ٢٨٩/ ٥].

قال ابن الهمام: وهذا هو القمار بعينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>