ويكون الاجتهاد أيضا في إثبات النصوص بمعرفة درجاتها من حيث القبول والرد، وبمعرفة دلالات تلك النصوص، ومعرفة الأحكام من أدلتها الأخرى غير القياس من قول صحابي أو عمل أهل المدينة أو الاستصحاب أو الاستصلاح أو غيرها عند من يقول بها.
وعند المنطقيين: القياس: قول مؤلف من قضايا إذا سلم يلزم لذاته قول آخر.
اعلم أن المراد بالقول الأول المركب ملفوظا أو معقولا، والقول الثاني مختص بالمعقول إذ لا يجب تلفظ المدلول من تلفظ الدليل ولا من تعقله والمؤلف لكونه من الألفة أعم من المركب بعدم اعتبار الألفة والمناسبة بين أجزائه، ففي ذكر المؤلف بعد القول إشارة إلى أن التأليف معتبر في القياس دون التركيب مطلقا، وإن كان جنسا له على أنه لو قيل القياس قول من قضايا لما تعلق من قضايا بالقول لأنه بالمعنى الاصطلاحي اسم جامد كما مر في القول فلا بد من ذكر المؤلف بعد ليصح التعلق، وأيضا لو لم يذكر لتوهم أن كلمة من للتبعيض فلا يكون تعريف القياس مانعا لصدقه على قضية مستلزمة لعكسها المستوي وعكس النقيض.
فإن قلت: إن القول لما كان أعم فيكون تعريف القياس شاملا للملفوظ والمعقول، فالاستلزام ممنوع، فإن تلفظ الدليل لا يستلزم بالمدلول: أى المطلوب (قلنا) إذا أريد بالقول الملفوظ فالمراد بالاستلزام الاستلزام عند العالم بالوضع.
فمعنى التعريف المذكور: أنه كلما تلفظ العالم بالوضع لزمه العلم بمطلوب جزئي، فالاستلزام ليس إلا بالنسبة إلى بعض الأشخاص، وهو لا يضرنا إذ لا يدعى الكلية.