ويتعلق بالصلاة فكان له حكم الرفع، وقد توافق عليه ابن عباس مع ابن عمر.
على فرض اختلاف أقوال الصحابة في تحديد مسافة السفر، فإن ذلك لا يسقطها كلها، وننتقل عنها إلى قولٍ ما قال به أحد منهم، فكل أقوالهم على اختلافها ترجع إلى التحديد إما بالمسافة وإما بالزمن، وليس شيء منها يقول بالتحديد بالعرف.
الترجيح بين أقوال الصحابة بالنظر إلى الأصح منها، فالحق لا يخرج عن أحدها، وليس في تركها كلها بدعوى اختلافهم، وانتحال قولٍ لم يقله أحد منهم، ولا عرف عن التابعين، ولا عن الأئمة الأربعة.
لا يختلف الأئمة الأربعة أن علة القصر في عرفة وفي غيرها من المشاعر هو السفر، ولا دخل للقصر في أحكام النسك، وإن اختلفوا في علة الجمع في المشاعر.
دعوى أن أهل مكة صلوا خلف النبي ﷺ في عرفة ومزدلفة ومنى قصرًا لا يستند إلى نص أنهم أمروا بالقصر، ولا لوجود نص يثبت أنهم قصروا خلفه، وإنما عمدتهم في ذلك أنه لو أمرهم بالإتمام لنقل، فالدليل عدمي، ودلالته ضعيفة.
لو استعملنا هذه الطريقة في الاستدلال لقلنا: يقصر العرفي في عرفة، ويقصر المزدلفي في مزدلفة، ويقصر المنوي في منى؛ لأن النبي ﷺ لو أمرهم بالإتمام لنقل؛ لتوافر الدواعي على نقله، ولم ينقل.
الأئمة الأربعة متفقون على أن المكي لا يقصر في مكة، والعرفي لا يقصر في عرفة، والمزدلفي لا يقصر في مزدلفة، وجمهورهم خلا المالكية يقولون: لا يقصر المكي في سائر المشاعر.
قال عمر لأهل مكة:(أتموا أهل مكة فإنا قوم سفر) فعلل قصره بالسفر.
إذا كان عمر ينهى أهل مكة عن القصر؛ لأنهم غير مسافرين، فسوف ينهى عمر ﵁ العرفي عن القصر في عرفة للعلة نفسها، وكذلك المنوي في منى قياسًا على المكي في موضع إقامته، فالجميع غير مسافر.
ليس قول المالكية بأن أهل مكة قصروا في عرفة بأولى من قول الحنفية والشافعية الحنابلة القائلين بأن أهل مكة لم يقصروا، فإذا كان الرد إلى مجرد