للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

استقبل الهواء صحت صلاته، أم المقصود بالاستقبال البناء: بعضه أو كله على خلاف بينهما، أم المقصود بالاستقبال مجموع البقعة والبناء معًا؟

وقد فصلت خلاف الفقهاء في هذه المسألة، فلله الحمد، كما فصلت الخلاف في استقبال الهواء والقرار.

وإذا ترجح استقبال جزء من البيت، أيجوز مطلقًا، أم يجوز بشرط ألا يستدبر بعض البيت إذا استقبل بعضه؟ لأن عندهم أن استدبار جزء من البيت مفسد لما استقبل منه.

[المسألة الثانية: الاختلاف في الموقف من الآثار]

قال ابن رشد: «ورد في ذلك حديثان متعارضان كلاهما ثابت:

أحدهما: حديث ابن عباس قال: لما دخل رسول الله -البيت دعا في نواحيه كلها ولم يُصَلِّ حتى خرج، فلما خرج ركع ركعتين في قِبَلِ الكعبة وقال: هذه القبلة.

والثاني: حديث عبد الله بن عمر، أن رسول الله -دخل الكعبة هو وأسامة ابن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح، فأغلقها عليه ومكث فيها، فسألت: بلالًا حين خرج، ماذا صنع رسول الله -فقال: جعل عمودًا عن يساره وعمودًا عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، ثم صلى.

فمن ذهب مذهب الترجيح أو النسخ قال: إما بمنع الصلاة مطلقًا إن رجح حديث ابن عباس، وإما بإجازتها مطلقًا إن رجح حديث ابن عمر، ومن ذهب مذهب الجمع بينهما حمل حديث ابن عباس على الفرض وحديث ابن عمر على النفل، والجمع بينهما فيه عسر، فإن الركعتين اللتين صلاهما خارج الكعبة، وقال هذه القبلة هي نفل» (١).

وقد ناقشت دلالة هذين الحديثين على مسألتنا حين الكلام على مسألة: المعتبر في الاستقبال.

وجواز النافلة في البيت دليل على صحة الفريضة فيه؛ لأنه لم يحفظ في الشرع نهي عن صلاة الفريضة داخل البيت، ولأن الاستقبال لازم للنافلة في حق الحاضر


(١) بداية المجتهد (١/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>