للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[الفرع التاسع في حد الإبراد]

المدخل إلى المسألة:

• الإبراد: تأخير الظهر عن أول وقتها إلى وقت الإبراد ما لم يدخل العصر.

• كلما كان إيقاع صلاة الظهر في وقت أَبْرَد من غيره كان ذلك أفضل، وهو في آخر وقتها أظهر من غيره؛ لتعليق التأخير على وصف الإبراد.

• لا يتحقق الإبراد بتأخير الظهر إلى نصف الوقت لأنه يجمع بين حر الشمس، وحر الأرض.

• جاء في الحديث: (من صلى البردين دخل الجنة) فوقت العصر وقت البرد بالنص؛ لأن العصر إحدى صلاتي البردين؛ حيث تقع في برد النهار، فما قرب من العصر فإنه يعطى حكمه.

[م-١٩٠] اختلف الفقهاء في حد الإبراد على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

يصليها في آخر وقتها وقبل بلوغ الظل المثل.

وهذا مذهب الحنفية، واختيار القاضي أبي يعلى، وابن رجب من الحنابلة.

وهو معنى قول ابن عبد الحكم من المالكية، والبندنيجي وأبي الطيب من الشافعية: يؤخرها، ولكن لا يبلغ بتأخيرها آخر الوقت (١).


(١) وإنما كان الضابط عند الحنفية أن يصليها قبل المثل، لأنه إذا أخرها حتى كان الظل بمقدار المثل فقد دخل في خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه في خروج الوقت، جاء في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح نقلًا من الخزانة (ص: ١٨٢): «المكروه في الظهر أن يدخل في حد الاختلاف، وإذا أخره حتى صار ظل كل شيء مثله فقد دخل في حد الاختلاف».
وانظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٣٦٦)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٤٣)،
البحر الرائق (١/ ٢٦٠).
وبعض الحنفية ممن يرى أن الظهر يمتد إلى أن يكون ظل كل شيء مثليه، كما هو رأي أبي حنيفة في أحد قوليه، حيث يرى الإبراد لا يكون إلا بعد المثل، لأن أشد ما يكون الحر في الصيف عندما يصير ظل كل شيء مثله، وحديث تأخير الظهر حتى ساوى الظل التلول دليل على أن وقت الظهر يبقى إلى المثلين؛ لأن التلول في الغالب تكون منبطحة، ولا تكون شاخصة، فلا يظهر لها ظل إلا بعد غاية التأخير، فالمساواة لا تكون إلا قريبًا من المثلين. انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣٣٩)، فيض الباري شرح صحيح البخاري (٢/ ١٤٥).
وجاء في شرح التلقين للمازري (١/ ٣٩٠): «وقال محمد بن عبد الحكم: يؤمر بالتأخير ولكن لا يخرج عن الوقت، فأشار إلى أن الإبراد ينتهي لآخر الوقت». وانظر: مواهب الجليل (١/ ٤٠٥)، التنبيه على مبادئ التوجيه (١/ ٣٨٥)، الشرح الكبير للدردير (١/ ١٨٠).
وانظر قول البندنيجي وأبي الطيب من الشافعية في: كفاية النبيه (٢/ ٣٧٢).
وأكثر الشافعية يحملون قول الشافعي: يكون بين الفراغ منها وبين آخر الوقت فضل: يحملونه على وقت الاختيار، دون وقت الجواز.
وقال ابن رجب في شرح البخاري (٤/ ٢٤٢): وأما حد الإبراد، فقال القاضي أبو يعلى من أصحابنا: يكون بين الفراغ من الصلاة وبين آخر وقت الصلاة فضل. اه وانظر: الإنصاف (١/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>