للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[الشرط الخامس أن يفارق عمران القرية]

المدخل إلى المسألة:

السفر مأخوذ من السفور، وهو الظهور، قال تعالى: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ أي: ظهر وتبين وأضاء، فما لم يظهر من بلده فهو مقيم.

قال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، ولا يكون ضاربًا في الأرض حتى يفارق عامر قريته.

الإقامة هي الأصل، ولا يحكم له بالانتقال عنها إلا إذا فارق البنيان بنية السفر.

الإقامة والسفر أحكامهما مختلفة، فحيث وجد الحضر شرع الإتمام وحيث وجد السفر شرع القصر.

عرف السفر لغة: بأنه قطع المسافة، فالسفر فعل، وشرطه: مفارقة العمران بنية السفر.

المقيم في ناحية من المصر يكون مقيمًا في جميع نواحيه حتى يخرج منه بنية السفر.

الإقامة ضد السفر، وإذا كانت الإقامة تعني بقاءه في المصر حقيقة أو حكمًا، فالسفر يعني مفارقة المصر بنية السفر.

[م-١١١٨] إذا فارق الرجل عامر القرية التي منها خرج فله القصر في قول عامة الأمة إلا خلافًا شاذًّا عن مجاهد، وإذا عاد من سفره صلى صلاة مسافر ما لم يدخل مصره (١).


(١) جاء في كنز الدقائق (ص: ١٨٧): «من جاوز بيوت مصره … قصر الفرض الرّباعيّ».
وقال المالكية: البلدي لا يقصر حتى يجاوز البنيان والبساتين المسكونة المتصلة بالبلد ولو حكمًا بأن يرتفق سكانهما بالبلد التي في حكمه، ولا عبرة بالمزارع، ولا بالبساتين المنفصلة أو غير المسكونة، وهذا هو المعتمد في المذهب.
وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك: أن القرية إن كانت مما تقام فيها الجُمُعة فلا يقصر الخارج عنها حتى يجاوز بيوتها بثلاثة أميال، وإن خرج من قرية لا تقام فيه الجمعة فكالأول. وهل هذا تفسير للقول الأول أو مخالف له؟ قولان في مذهب المالكية.
وفي مذهب الشافعية: إن كان البلد له سور فلا يقصر حتى يفارقه، وإن لم يكن له سور فحتى يفارق عمران البلد، وإن لم يجاوز المزارع والبساتين.
جاء في المجموع (٤/ ٣٤٦): «فإن كان من أهل بلد لم يقصر حتى يفارق بنيان البلد، فإن اتصل حيطان البساتين بحيطان البلد ففارق بنيان البلد جاز له القصر؛ لأن البساتين ليست من البلد، وإن كان من قرية وبجنبها قرية ففارق قريته جاز له القصر».
وقال أيضًا (٤/ ٣٤٧): «قال الشافعي والأصحاب : إن سافر من بلد له سور مختص به اشترط مجاوزة السور، سواء أكان داخله بساتين ومزارع أم لم يكن».
انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (١/ ٢٣٨)، (٢٢/ ٦٤، ٦٥)، تبيين الحقائق (١/ ٢٠٩)، حاشية ابن عابدين (٢/ ١٢١)، بدائع الصنائع (١/ ٩٤)، الاختيار لتعليل المختار (٤/ ٥٥). وانظر في مذهب المالكية: النوادر والزيادات (١/ ٤٢٠)، مختصر خليل (ص: ٤٣)، تحبير المختصر (١/ ٤٦١)، التاج والإكليل (٢/ ٤٩٥)، شرح التلقين (٢/ ٩٢٨)، مواهب الجليل (٢/ ١٤٤)، شرح الخرشي (٢/ ٥٨)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٦٠)، منح الجليل (١/ ٤٠٢)، لوامع الدرر (٢/ ٥٧١)، التبصرة للخمي (٢/ ٤٧٣)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٣٠٨).
وانظر: في مذهب الشافعية: الإقناع للماوردي (ص: ٤٨)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص: ٤٠)، المهذب (١/ ١٩٤)، فتح العزيز (٤/ ٤٣٢).
وانظر في مذهب الحنابلة: مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٣١٤)، المغني (٢/ ١٩٢)، الفروع (٣/ ٨٢)، المبدع (٢/ ١١٦)، التنقيح المشبع (ص: ١١٣)، الإنصاف (٢/ ٣٢٠)، الإقناع (١/ ١٨٠)، دقائق أولي النهى (١/ ٢٩٣)، كشاف القناع، ط: العدل (٣/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>