للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[المبحث الثامن قدر القراءة بالمغرب من السور الطوال]

المدخل إلى المسألة:

• ما فعله النبي في صلاته أكثر من مرة لا يسوغ القول بكراهته.

• اختار الحنابلة جواز القراءة من طوال المفصل في المغرب؛ لفعل النبي ، واستحباب تخفيف القراءة فيها؛ لكونه الأكثر من فعله .

• لو أراد مطلق الجواز لتحقق ذلك بفعله مرة واحدة، أما أن يتكرر فعله من النبي بأحاديث مختلفة، وسور متنوعة، حتى قرأ بالمرسلات في مرضه، مع قيام داعي التخفيف، فلا يكفي القول بجوازه.

• القراءة من طوال المفصل في المغرب من آخر ما حفظ عن النبي قبل موته.

• أنكر زيد بن ثابت على مروان قراءته في المغرب بقصار السور، وهذا يدل على أن القراءة بالطوال مستحب أحيانًا.

• القراءة في المغرب من طوال المفصل دليل على ما قاله ابن عبد البر: وأنه لا توقيت في القراءة عند العلماء بعد فاتحة الكتاب، وهذا إجماع من علماء المسلمين.

قال الزرقاني في شرح الموطأ: «وتخفيفه مرة، وربما طول يدل على أن لا توقيت في القراءة بعد الفاتحة، وهذا إجماع».

[م-٥٩٤] السنة في المغرب عند الأئمة الأربعة القراءة من قصار المفصل كما أبان عن ذلك المبحث السابق، فإن خالف الإمام وقرأ فيه من طوال المفصل:

فقيل: يكره، وهو مذهب الحنفية، واختاره بعض أصحاب مالك، وحكاه الشافعي عن مالك، وهو قول في مذهب الحنابلة (١).


(١) قال أبو العباس القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم (٢/ ٧٢): وما ورد في كتاب
مسلم وغيره من الإطالة فيما استقر فيه التقصير أو من التقصير فيما استقرت فيه الإطالة، كقراءته في الفجر بالمعوذتين، كما رواه النسائي، وكقراءة الأعراف والمرسلات في المغرب فمتروك. أما التطويل: فبإنكاره على معاذ وبأمره الأئمة بالتخفيف، ولعل ذلك منه حيث لم يكن خلفه من يشق عليه القيام وعلم ذلك، أو كان منه ذلك متقدمًا حتى خفف وأمر الأئمة بالتخفيف، كما قال جابر بن سمرة: وكان صلاته بعدُ تخفيفًا، ويحتمل أن يكون فعل ذلك في أوقات ليُبَيِّن جواز ذلك، أو يكون ذلك بحسب اختلاف الأوقات من السعة والضيق. وقد استقر عمل أهل المدينة على إطالة القراءة في الصبح قدرًا لا يضر من خلفه بقراءتها بطوال المفصَّل، ويليها في ذلك الظهر والجمعة، وتخفيف القراءة في المغرب، وتوسيطها في العصر والعشاء».
وانظر: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٨١)، تفسير القرطبي (١٠/ ٣٠٦)، فتح الباري لابن رجب (٧/ ٣٣).
وقول أبي العباس القرطبي: (وكانت صلاته بعد تخفيفًا) المراد: صلاته بعد الصبح: من الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، أي أن القراءة فيهن أخف من الصبح، لا أن جميع صلاته كانت بعد تلك الصلاة تخفيفًا، فيفهم منه نسخ القراءة في الصبح من طوال المفصل. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>