للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[المبحث التاسع تجديد الاجتهاد لكل صلاة]

المدخل إلى المسألة:

• تجديد الاجتهاد لا يجب إلا بدليل من الشرع، ولم يقم دليل من الشرع يوجب على المجتهد تجديد اجتهاده، والأصل عدم الوجوب.

• الأصل بقاء ما كان على ما كان، واستصحاب الظن الأول حتى يوجد ما يدعو إلى تغير الاجتهاد من ظهور دلائل تجعل المجتهد يشك في صحة اجتهاده الأول.

• إعادة الاجتهاد ليس مظنة للإصابة، فكم من مُفْتٍ أعاد الاجتهاد فانتقل من القول الأقوى إلى الأضعف.

[م-٣٥٠] المجتهد لا يخلو إما أن يتجدد له ما يقتضي الرجوع، أو لا:

فإن ظهر له ما يوجب تغير اجتهاده لم يجز له البقاء على الاجتهاد الأول، بل يجب عليه أن يجتهد ثانيًا بغير نزاع، ولا يجب عليه نقض الاجتهاد الأول كالمفتي، وهذا بَيِّنٌ لا إشكال فيه (١).

أما إذا لم يظهر له ما يوجب تغير اجتهاده، فاختلفوا في وجوب إعادة الاجتهاد عليه، كاختلافهم في المجتهد تقع له حادثة، فيجتهد فيها، ثم تقع له ثانية، هل يجب عليه إعادة الاجتهاد؟ (٢).


(١) انظر التقرير والتحرير على تحرير الكمال لابن الهمام (٣/ ٣٣٣)، تشنيف المسامع بجمع الجوامع (٤/ ٦٠٧).
(٢) انظر التمهيد في تخريج الفروع على الأصول (ص: ٥٢٩).
وقال النووي في روضة الطالبين (١١/ ١٠٠): «هل يلزم المجتهد تجديد الاجتهاد إذا وقعت الحادثة مرة أخرى، أو سئل عنها مرة أخرى، أم يعتمد اجتهاده الأول؟ وجهان كما سبق في القبلة .. ».
فجعل النووي القول في تجديد الاجتهاد في تكرار الحادثة كالقول في تجديد الاجتهاد في القبلة؛ لأن من أوجب إعادة الاجتهاد في القبلة مع أنها قائمة على أمور حسية، سيوجب إعادة الاجتهاد في الفتوى من باب أولى؛ لأنها أكثر تشعبًا من الاجتهاد في القبلة، وأدلتها قد لا تكون محسوسة.
وإعادة الاجتهاد من المفتي فيها أقوال، منها:
أحدها: لا يجب عليه الاجتهاد مطلقًا.
والثاني: يجب عليه الاجتهاد مطلقًا.
والثالث: لا يجب عليه الاجتهاد إن كان ذاكرًا لدليل المسألة الأولى، ولم يتجدد ما قد يوجب رجوعه.
وقال أبو الخطاب من الحنابلة: ما دل عليه قاطع فلا يحتاج إلى إعادته.
وقال القاضي شريح الروياني: إن كان الزمان قريبًا لا يختلف في مثله الاجتهاد لا يستأنف، وإن تطاول الزمن استأنف.
انظر البحر المحيط في أصول الفقه (٨/ ٣٥٤)، قواطع الأدلة في الأصول (٢/ ٣٥٦)، جزء من تنقيح الفصول في علم الأصول رسالة ماجستير (٢/ ٤٨٠)، نهاية السول (ص: ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>