للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولأن الإعلام تارة يكون للوقت، كما في الصلاة المؤداة في الحضر، وتارة يكون للصلاة كما في حال الأذان في السفر، ولهذا حين أراد بلال أن يؤذن في السفر، قال له الرسول : أبرد، ثم أراد أن يؤذن فقال له: أبرد، فكان الأذان للصلاة، لا للإعلام بدخول وقتها.

• فالأذان في الحضر له ثلاث وظائف:

الأولى: وظيفة الوقت، أي الإعلام بدخول الوقت لعامة المصلين، حتى لمن لا يحضر الصلاة، كالمريض، والمرأة، ونحوهما.

الثانية: وظيفة الصلاة، أي الدعوة إلى الاجتماع لفعلها، وهو معنى قول المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح.

جاء في شرح غريب ألفاظ المدونة: «(حي على الصلاة) قال أهل الفقه فيها وشيوخ الحديث: هلمَّ إلى، وليس كذلك، وإنما معناها: جِئْ حثيثًا: أي سريعًا، ومن قلت له: هلمَّ إلي، فجاء مبطئًا، أو مسرعًا فقد أطاعك، ومن قلت له: حي إِلَيَّ فجاء مبطئًا فقد عصاك، فليس المعنى إلا جِئْ حثيثًا» (١).

وفي الحديث: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب، فهناك منادٍ، وهو المؤذن، وهناك مُنَادَى يجيب نداء المؤذن، وهو المصلي.

الثالثة: إظهار شعار الإسلام، والتعريف بأن الدار دار إسلام.

وأما الأذان في السفر، وفي الفائتة فليس له إلا وظيفة واحدة، وهو حق الصلاة، ويلحق بالمسافرين الجماعات المعدودة، والتي لا تنتظر غيرها، والمجتمعة خارج المدن.

ولهذا قال الماوردي في الحاوي في تعريف الأذان: إعلام بدخول وقتها، وحضور فعلها (٢)، إشارة منه لوظيفتي الأذان.

والأذان في التنزيل نداء للصلاة، قال تعالى: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ [المائدة: ٥٨].

وقال تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا﴾ [الجمعة: ٩].


(١) شرح غريب ألفاظ المدونة (ص: ٢٢).
(٢) الحاوي الكبير (٢/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>