قال ﷺ:(إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا).
الحكمة من نصب الإمام ليؤتم به، ومقارنته تنافي إمامته، فإذا كان الإمام يتقدم على المأموم في المكان، فهو يتقدم عليه في الأفعال.
(إذا كبر فكبروا) فأَمَرَ النبي ﷺ أن يكون تكبير المأموم بعد تكبير إمامه، والأصل في الأمر الوجوب.
الأمر بالشيء نهي عن أضداده، ومن أضداده المسابقة والمقارنة.
النهي في قوله ﷺ(فلا تختلفوا عليه) مجمل يفسره الجملة بعده (فإذا كبر فكبروا) فمن كبر مع إمامه فقد اختلف على إمامه.
إذا كان الاقتداء بالإمام واجبًا، فالمسابقة والمقارنة تنافي الاقتداء الواجب.
لا يلزم من وجوب المتابعة الحكم بفساد الصلاة إذا قارن إمامه، لأن التحريم والصحة قد يجتمعان، وأما الفضل والإثم فلا يجتمعان.
النظر إلى السماء من المصلي توعد عليه بخطف الأبصار، وتسوية الصفوف توعد عليه بقوله ﷺ(لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم). والمخالفة فيهما لا تبطل الصلاة في مذاهب الأئمة الأربعة، فكذلك ترك المتابعة.
المتابعة واجبة للصلاة، وليست واجبًا فيها، وترك الواجب لها لا يبطلها.
لو كانت المقارنة في السلام مبطلة لكانت المقارنة في الركوع والسجود مبطلة للصلاة كذلك؛ لأن حديث أبي هريرة لم يفرق بين التكبير والركوع والسجود، فكلها توجه إليها الأمر بالفاء الواقعة في جواب الشرط، (فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا)، ومذهب الأئمة الأربعة لا تبطل الصلاة بالمقارنة في الركوع والسجود.