للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[المبحث السادس في الأثر الفقهي المترتب على الاختلاف في حكم الاستتابة]

المدخل إلى المسألة

* فرق بين الحكم على الفعل بأنه كفر، وبين الحكم على الفاعل بأنه كافر.

* تارك الصلاة قبل قيام الحجة مسلم ظاهرًا وباطنًا، وبعد إقامة الحجة مسلم ظاهرًا فقط، فإن مات على هذه الحال لقي ربه كافرًا.

* لا يحكم بردة تارك الصلاة إلا بعد أن يحكم به حاكم شرعي؛ لأن إهدار الدماء، وإباحة الأموال، والتفريق بين الزوجين، وغيرها من الأحكام ليست لآحاد المسلمين، ولا من سبيل المفتين؛ لأن الفتوى لا إلزام فيها.

[م-١٣٢] عرفنا كلام أهل العلم في حكم الاستتابة، وأن القائلين بالاستتابة مختلفون في حكمها، أذلك على سبيل الوجوب أم الاستحباب.

فمن قال باستحباب الاستتابة فهذا ظاهر أنه يحكم بكفره ولو لم يدع إلى فعل الصلاة، وتعرض عليه التوبة.

وأما من قال: إن الاستتابة واجبة فاختلفوا، متى يحكم بقتله، أو كفره عند من يقول بكفره؟

فقيل: يكفر بمجرد الترك، وتزول عنه عصمة الدم، ولو لم يستتب من قبل الإمام أو نائبه، ولا قود على من قتله قبل الاستتابة، إلا أنه يعزر للتعدي على حق الإمام، وهو قول إسحاق، وابن المبارك وظاهر كلام الإمام أحمد، وبه قال العمراني والقفال من الشافعية (١).


(١) قال إسحاق كما في تعظيم قدر الصلاة (٢/ ٩٢٩): «فكذلك تارك الصلاة يدعى إلى الصلاة،
فإذا ندم، وراجع زال عنه الكفر».
فظاهره أنه يراه متلبسًا بالكفر من قبل أن يدعى إلى فعلها.
وفي الإنصاف (١/ ٢٨٥): «ذكر الآجري أنه يكفر بترك الصلاة، ولو لم يدع إليها، قال في الفروع: وهو ظاهر كلام جماعة».
وقال النووي في المجموع (٣/ ١٦): «لو قتل إنسان تارك الصلاة في مدة الاستتابة فقد ذكر صاحب البيان أنه يأثم، ولا ضمان عليه، كقاتل المرتد، وكذا قال القفال في الفتاوى: إنه لا قصاص فيه».
وجاء في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (٣/ ٨٨): «في شرح البهجة لشيخ الإسلام ما نصه، وذكر في المجموع وغيره: أنه لو قتله في مدة الاستتابة إنسان أثم، ولا ضمان عليه، كقاتل المرتد».
وفي قول للشافعية: لا يضمنه على القول بندب الاستتابة.
انظر المهذب (٣/ ٢٥٧)، إعانة الطالبين (١/ ٣١)، فتح المعين بشرح قرة العين (ص: ٣٧)، تفسير الألوسي (٥/ ٢٤٧)، نهاية المطلب (١٧/ ١٦٥، ١٧٠)، البيان للعمراني (١٢/ ٤٦، ٤٧)، روضة الطالبين (١٠/ ٧٦).
وقال ابن رجب في شرح البخاري (٥/ ١٣٧): « … من كَفَّر تارك الصلاة عمدًا كَفَّره بمجرد خروج وقت الصلاة عليه، ولم يعتبر أن يستتاب، ولا أن يدعى إليها، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وغيره من الأئمة أيضًا، وعليه يدل كلام المتقدمين من أصحابنا، كالخرقي، وأبي بكر، وابن أبي موسى».

<<  <  ج: ص:  >  >>