للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واختلف الحنابلة في تعليل المنع على قولين:

أحدهما: أن المنع؛ لأن استقبال جميع البيت شرط، ورجحه ابن تيمية في شرح العمدة (١).

وهذا يتفق مع تعليل المالكية.

الثاني: أن المنع حتى لا يستدبر شيئًا من البيت،، فإن وقف على منتهاها بحيث لم يَبْقَ وراءه شيء منها، أو قام خارجها وسجد فيها صحت الفريضة؛ لأنه استقبل طائفة من الكعبة غير مستدبر لشيء منها، فصحت كما لو صلى إلى أحد أركانها، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد (٢).

وقال أشهب: «تجوز الفريضة في الكعبة، ولا تستحب، وإن فعل فلا إعادة عليه» (٣).

فصارت الأقوال ترجع إلى قولين: صحة الفريضة في الكعبة، على خلاف، أتستحب، أم تجوز بلا استحباب؛ لترك النبي -فعلها داخل الكعبة، أو تصح مع الكراهة؟

والقول الثاني: التحريم.

والخلاف في هذه المسألة راجع إلى اختلاف الفقهاء في مسألتين:

[المسألة الأولى: اختلافهم في تعليل الحكم، فالنص أمر بالتوجه نحو البيت.]

والسؤال: أيشترط استيعاب البيت بالتوجه إلى القبلة، أم لا يشترط؟

فمن قال: يشترط استيعاب جميع البيت منع من الصلاة داخله.

وعلى القول بأنه لا يشترط الاستيعاب: هل المقصود بالاستقبال البقعة، فلو


(١) جاء في شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: ٤٩٩، ٥٠٠): «هل المانع استدبار بعضه فقط، أو استقبال جميعه شرط أيضًا؟ على وجهين: ..... الثاني: لا بد أن يستقبل جميعه، فلا تصح صلاته في هذه الصور وهذا أقيس».
(٢) قال في الإقناع (١/ ٩٩): «لا تصح الفريضة في الكعبة ولا على ظهرها إلا إذا وقف على منتهاها بحيث لم يَبْقَ وراءه شيء منها أو صلى خارجها وسجد فيها».
وقال في كشاف القناع (١/ ٢٩٩): «ولا تصح الفريضة في الكعبة المشرفة، ولا على ظهرها .... والجدار لا أثر له، إذ المقصود البقعة، بدليل أنه يصلي للبقعة حيث لا جدار». وانظر: الإنصاف (١/ ٤٩٦)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٧٤)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٦٦).
(٣) التبصرة للخمي (١/ ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>