بأن هذا التعليل بعيد؛ لأن الفاسق المتحقق الفسق أمرنا الله بالتبين من خبره، ولم يأمرنا برده، فما بالك بالمستور، والذي ليس بمحَقَّقِ الفسق؛ فالمقصود بالعدالة هنا مطلق العدالة، وهو عدم العلم بالمفسق، وليس المراد ثبوت العدالة المطلقة، فكل من لم يثبت جرحه، ولو لم تُعْلَمْ عدالته الباطنة يقبل خبره، وإذا كان يقبل خبر المؤذن مستور الحال، وهو يتعلق بركنين من أركان الإسلام: الصلاة والإفطار، فما بالك بخبر الطبيب.
الجواب الرابع:
يحتمل أنهما لم يقبلا خبره؛ لقصور علمه.
ورد هذا:
لو كان هذا هو سبب الرد لطلب تعزيزًا لخبره من طبيب آخر، ولم يعللاه بالموت في أثناء العلاج.
وكل هذه الأجوبة والردود عليها هي في افتراض صحة الأثر، ولم يصح.
الراجح:
جواز قبول خبر الطبيب إذا كان موثوقًا بعلمه، ولم يجرب عليه كذبًا، والتداوي عند جمهور أهل العلم من العمل المباح، غير محظور، وقد كرهه بعض السلف، فأخذه لا ينافي التوكل، وتركه لا يعد من ترك الأسباب؛ لأن الإنسان قد يشفى بلا دواء، وقد يأخذ الدواء، ولا يشفى، ولو كان من الأسباب لما تخلف، وحكم التداوي مسألة أخرى لا أريد أن أخوض فيها في كتاب الصلاة، والله أعلم.
تم الكتاب بحمد الله وتوفيقه، في تاريخ ٧/ ١١/ ١٤٤٥ هـ