للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[الفرع الثالث إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة]

المدخل إلى المسألة:

• لا يصار إلى الظن مع إمكان اليقين (١).

• أجمع العلماء أن من أيقن بالحدث، وشك في الوضوء، فعليه الوضوء، ومن شك هل صلى أو لا، فعليه الصلاة، ولم يتحرَّ، وإذا اشتبهت أخته بأجنبية حرمتا، وكذا إذا اشتبهت ميتة بمذكاة، فالعمل على اليقين ما أمكن، وهذا أصل عظيم في الفقه.

• يجوز العمل بالظن عند تعذر اليقين، أو كان لا يصل إليه إلا بمشقة كبيرة دفعًا للحرج كاشتباه الثياب الطاهرة بالنجسة إذا كثرت الثياب.

• يتأكد التحري فيما لا بدل له على غيره مما له بدل.

• ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

[م-٣٦٧] إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة:

فقيل: يتحرى، وهو مذهب الحنفية، والشافعية، واختاره الباجي من المالكية، وهو رواية في مذهب أحمد، رجحها ابن تيمية (٢).


(١) الوصول إلى اليقين في اشتباه الثياب الطاهرة بالنجسة أن يصلي بعدد النجس ويزيد صلاة، كما هو مذهب الحنابلة، وقول في مذهب المالكية، وهو قول مرجوح كما سيتبين إن شاء الله تعالى. وانظر الحاوي الكبير (٢/ ٢١٤).
(٢) انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (١٠/ ٢٠٠)، العناية شرح الهداية (٢/ ٢٧٥)، البحر الرائق (٢/ ٢٦٧). والحنفية هنا قالوا: يتحرى مطلقًا، حتى ولو كانت الثياب النجسة أكثر من الثياب الطاهرة، أما في مسألة الماء إذا اشتبه طهور بنجس، اشترطوا للتحري أن تكون الغلبة للأواني الطاهرة.
ويجيب السرخسي عن الفرق بين المسألتين، فيقول في المبسوط (١٠/ ٢٠١): والفرق بين مسألة الثياب وبين مسألة الأواني لنا: أن الضرورة لا تتحقق في الأواني؛ لأن التراب طهور له عند العجز عن الماء الطاهر، فلا يضطر إلى استعمال التحري للوضوء عند غلبة النجاسة، لما أمكنه إقامة الفرض بالبدل، وفي مسألة الثياب الضرورة مَسَّت؛ لأنه ليس للستر بدل يتوصل به إلى إقامة الفرض، حتى إنه في مسألة الأواني لما كان تتحقق الضرورة في الشرب عند العطش وعدم الماء الطاهر، يجوز له أن يتحرى للشرب؛ لأنه لما جاز له شرب الماء النجس عند الضرورة فلأن يجوز التحري وإصابة الطاهر مأمول بتحريه أولى.
يوضحه أن في مسألة الأواني لو كانت كلها نجسة لا يؤمر بالتوضُّؤ منها، ولو فعل لا تجوز صلاته، فإذا كانت الغلبة له فكذلك أيضًا. وفي مسألة الثياب وإن كانت كلها نجسة يؤمر بالصلاة في بعضها، ويجزيه ذلك، فكذلك إذا كانت الغلبة للنجاسة.
وفي مذهب الشافعية، قال الشافعي في الأم (٨/ ١١١): إن كان معه ثوبان أحدهما طاهر والآخر نجس ولا يعرفه فإنه يتحرى أحد الثوبين فيصلي فيه ويجزئه. اه وانظر المجموع (١/ ١٥١)، مختصر المزني (٢/ ١٨)، المجموع (١/ ٢٣٤).
وانظر قول الباجي من المالكية في المنتقى (١/ ٦٠).
وانظر رواية أحمد واختيار ابن تيمية في كتاب الفروع (١/ ٦٦)، الإنصاف (١/ ٧٧)، عمدة الفقه (ص: ٤)، المغني (١/ ٥١)، إغاثة اللهفان (١/ ١٧٦)، بدائع الفوائد (٣/ ٧٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>