(٢) انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (١٠/ ٢٠٠)، العناية شرح الهداية (٢/ ٢٧٥)، البحر الرائق (٢/ ٢٦٧). والحنفية هنا قالوا: يتحرى مطلقًا، حتى ولو كانت الثياب النجسة أكثر من الثياب الطاهرة، أما في مسألة الماء إذا اشتبه طهور بنجس، اشترطوا للتحري أن تكون الغلبة للأواني الطاهرة. ويجيب السرخسي عن الفرق بين المسألتين، فيقول في المبسوط (١٠/ ٢٠١): والفرق بين مسألة الثياب وبين مسألة الأواني لنا: أن الضرورة لا تتحقق في الأواني؛ لأن التراب طهور له عند العجز عن الماء الطاهر، فلا يضطر إلى استعمال التحري للوضوء عند غلبة النجاسة، لما أمكنه إقامة الفرض بالبدل، وفي مسألة الثياب الضرورة مَسَّت؛ لأنه ليس للستر بدل يتوصل به إلى إقامة الفرض، حتى إنه في مسألة الأواني لما كان تتحقق الضرورة في الشرب عند العطش وعدم الماء الطاهر، يجوز له أن يتحرى للشرب؛ لأنه لما جاز له شرب الماء النجس عند الضرورة فلأن يجوز التحري وإصابة الطاهر مأمول بتحريه أولى. يوضحه أن في مسألة الأواني لو كانت كلها نجسة لا يؤمر بالتوضُّؤ منها، ولو فعل لا تجوز صلاته، فإذا كانت الغلبة له فكذلك أيضًا. وفي مسألة الثياب وإن كانت كلها نجسة يؤمر بالصلاة في بعضها، ويجزيه ذلك، فكذلك إذا كانت الغلبة للنجاسة. وفي مذهب الشافعية، قال الشافعي في الأم (٨/ ١١١): إن كان معه ثوبان أحدهما طاهر والآخر نجس ولا يعرفه فإنه يتحرى أحد الثوبين فيصلي فيه ويجزئه. اه وانظر المجموع (١/ ١٥١)، مختصر المزني (٢/ ١٨)، المجموع (١/ ٢٣٤). وانظر قول الباجي من المالكية في المنتقى (١/ ٦٠). وانظر رواية أحمد واختيار ابن تيمية في كتاب الفروع (١/ ٦٦)، الإنصاف (١/ ٧٧)، عمدة الفقه (ص: ٤)، المغني (١/ ٥١)، إغاثة اللهفان (١/ ١٧٦)، بدائع الفوائد (٣/ ٧٧٦).