تخريج الجمع في الحضر على الجمع في السفر لا يصح؛ لأن الجمع والفطر في السفر جائز، ولو لم يكن هناك مشقة، ولا يسوغ الجمع والفطر في الحضر إلا مع تحقق المشقة، فافترقا، ولو قيس الحضر على السفر لكان المريض أحق برخصة القصر من المسافر.
دليل من قال: يجمع الرجل في بيته إذا خاف فوات الصلاة الثانية جماعة:
هذا القول كأنه قائم على أن تحصيل الجماعة هو مدار الجمع والمنع.
فيباح له الجمع في المسجد تحصيلًا للجماعة.
ويمنع من الجمع في البيت إذا كان يمكنه أن يصلي الثانية جماعة في وقتها أيضًا من أجل تحصيل الجماعة. فإذا غلب على ظنه أنه لا يجد جماعة أذن له في الجمع في البيت، فغلَّب تحصيل الجماعة، ولو تعرض لأذى المطر.
ويناقش بأكثر من وجه:
الوجه الأول:
بأن دفع الأذى أهم من تحصيل الجماعة، ذلك أن الأئمة الأربعة يتفقون على أن الجماعة تسقط بعذر المطر، ولا يتفقون على الجمع لتحصيل الجماعة: فمنهم من يمنع من الجمع للمطر مطلقًا، ومنهم يمنع منه في الظهرين، ومنهم من يمنع منه في جمع التأخير.
والأول هو المنقول عن أكثر التابعين نقله عن أهل الشام الليث بن سعد والأوزاعي، ونقله عن أهل مصر الليث بن سعد كما في رسالته للإمام مالك، وهو المنقول عن أهل العراق زمن التابعين، كما هو مروي عن ابن مسعود، وأصحابه، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، ولا يوجد ما يخالفه عن أهل اليمن، وأهل مكة إلا ما يروى عن ابن عباس.
والثاني: أعني منع الجمع في الظهرين هو مذهب مالك والإمام أحمد، وهو مروي عن عمل أهل المدينة، لفعل ابن عمر في الجمع في الليلة المطيرة خلف