للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهل لوازم صيغة الأمر، هي لوازم صيغة الأمر بالأمر، بمعنى: هل يستويان في الدلالة على الطلب من وجه واحد أم لا؟

هذه مسألة خلافية عند أهل الأصول، وفيها قولان:

أحدهما: أن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا به ما لم يدل عليه دليل؛ فالأمر الموجه للأولياء ليس أمرًا للأبناء؛ لامتناع توجه الأمر على غير المكلف؛ لأن التكليف فرع عن خطاب الشارع، ولا خطاب من الشارع موجه لغير المكلف.

* وحجتهم:

بأنك لو قلت: مر عبدك أن يصنع لي ثوبًا لم يكن أمرًا منك للعبد بخياطته، وإلا عُدَّ مثل ذلك تعديًا.

والقول الثاني: أن الأمر بالأمر أمر، فالأول بالمباشرة، والثاني بالواسطة.

ويستدلون بأمر النبي -لعمر بأن يأمر ابنه بمراجعة زوجه التي طلقها، وهي حائض، فقال: مره فليراجعها.

* الراجح:

حديث: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ) ضعيف، والصغير يؤمر بالتكاليف من باب التأديب والتمرين، ووليه مأمور بإحسان تربيته، والتكاليف الشرعية قسمان: مأمورات، ومنهيات، والمنهيات آكد في حق الصغير، فإن الصغير يمنع مما يمنع منه الكبير، وإن لم يكن على سبيل الإلزام (١).

(ح-٣٧٢) فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله : كخ كخ، ارمِ بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟ (٢).

وأما المأمورات فهي أخف من المنهيات، لأن المأمور يتطلب الفعل، والفعل


(١) انظر إكمال المعلم بفوائد مسلم (٣/ ٦٢٤)، مرعاة المفاتيح (٦/ ٢١٤)، شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ١٥٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٩١)، ومسلم (١٠٦٩) من طريق شعبة،
وأخرجه البخاري (١٤٨٥) من طريق محمد بن طهمان، كلاهما عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة. وأكتفي بالصحيحين عن غيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>