للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واشترط الشافعية: أن ينوي الإقامة، وهو نازل، فإن كان سائرًا لم يؤثر؛ لأن سيره يكذب نيته (١).

إذا نوى الإقامة في أثناء الأولى أو بعد الفراغ منها وقبل التلبس بالثانية صحت الأولى، ويؤخر الثانية إلى أن يدخل وقتها (٢).

وأما وجه صحة الأولى:

فلأنه إذا نوى الإقامة في أثناء الأولى أتمها أربعًا وصحت صلاته؛ لأنه أداها في وقتها تامة، والانتقال من القصر إلى الائتمام لا يبطل الصلاة؛ لأن المصلي لا يجب عليه نية عدد ركعات الصلاة إذا أراد الدخول في الصلاة، فقطع نية السفر لا يستلزم بطلان الصلاة الأولى.

وإذا نوى الإقامة بعد الفراغ من الأولى، وقبل التلبس بالثانية صحت صلاته؛ لأنه أدى صلاته في وقتها، وصح منه القصر؛ لأنه أدى صلاته في وقت يباح له القصر.

وأما وجه امتناع الجمع والقصر للصلاة الثانية: فلأن سبب الجمع والقصر: هو السفر، فإذا نوى الإقامة صار مقيمًا، فارتفع عنه موجب الجمع والقصر، كالمريض يصلي قاعدًا؛ لعجزه فإذا زال مرضه في أثناء الصلاة لزمه القيام؛ لزوال مرضه، وكالأمة تصلي مكشوفة الرأس بسبب الرق، فإذا أعتقت لزمها تغطية رأسها في أثناء الصلاة.

واعلم: أن قطع النية وتأثيره على بطلان العبادة يختلف حكمه من عبادة إلى أخرى:

فقسم يبطل بمجرد قطع النية، وهو الإسلام، ومثله السفر.

وقسم لا يبطل بذلك مطلقًا، وهو الحج العمرة، فلو نوى قطعهما لم يخرج منهما؛ لأنه إذا لم يخرج منهما بالإفساد، فلا يخرج بالأولى بقطع النية خلافًا للظاهرية.


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٣٩).
(٢) انظر: مواهب الجليل (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>