للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال بعضهم: إن الصبي مكلف بالإيمان دون سائر الواجبات، وهو قول أبي منصور الماتريدي، وكثير من مشايخ العراق.

وذكر بعضهم بأن «أصل الدين لا يصح نفلًا، فإذا وجد فعلى وجه الوجوب».

ويعترض عليه بأنه لو كان مكلفًا فيه لم يكن تبعًا فيه لأبويه، والله أعلم.

وقيل: مكلف بالصلاة إذا بلغ عشرًا، وهو رواية عن أحمد، واختارها ابن سريج من الشافعية، واستدلوا بوجوبها بالأمر بضربه على تركها، فلو لم تكن واجبة لما عوقب على تركها.

وقد رد هذا بأن التعزير من الولي لا يعني الوجوب، وإنما هو التأديب والتعليم.

وقيل: يكلف المراهق دون غيره، وهو رواية عن أحمد، اختارها ابن عقيل باعتبار أن ما قارب الشيء يعطى حكمه، والله أعلم.

* الراجح:

أن الصبي فيه ما لا يلحق بالبالغ، كالواجبات والمحرمات، ومن خالف في هذا فهو من قبيل الخلاف الشاذ.

وفيه ما يلحق بالبالغ على الصحيح كالصلاة، والطهارة.

ولا يمتنع أن يكون مأمورًا بها، باعتبار أن الأمر بالأمر بالشيء أمر بالشيء نفسه، ولا يلزم منه أن تكون دلالته على الوجوب حتمًا حتى على القول بأن صيغة الأمر ظاهرة في الدلالة على الوجوب؛ لأن دلالته على الوجوب مشروطة بأن لا يوجد صارف يصرفه من الوجوب إلى الندب، والصارف هنا كون المأمور به ليس واجبًا في حق الصبي المميز، فإذا صرف الأمر عن الوجوب تعين الندب.

فإذا توجه أمر من الشارع لمكلف بأن يأمر غير مكلف، كحديث (مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ) فالأول مأمور من قبل الشارع، والأصل فيه الوجوب لكن حين كان المأمور به ليس واجبًا لدليل آخر كان هذا قرينة تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب.

وإن توجه خطاب لمكلف بأن يأمر مكلفًا آخر بفعل واجب، فالمكلف الأول مأمور به على سبيل التبليغ، وهو واجب عليه.

والثاني مأمور من قبل الشرع أيضًا، والامتثال به واجب عليه، كما قال النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>