للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لعمر حين أخبره بأن ابن عمر طلق زوجته، وهي حائض، فقال له: مُرْهُ فليراجعْها (١).

وإن توجه أمر لمكلف بأن يأمر مكلفًا بأمر غير واجب كما قال النبي -لأبي بكر في حق أسماء بنت عميس حين نفست: مرها فلتغتسل (٢).

فهل يكون الأمر لأبي بكر على سبيل الوجوب؟

فالجواب: أن وجوبه على أبي بكر لا يتعلق بالصيغة، بمعنى لا يتعلق بالأمر من حيث كونه أمرًا، وإنما كان متعلق الوجوب هو تعيين أبي بكر للبلاغ من لدن الرسول -ليبلغ أسماء ما استحب لها من الاغتسال، وهذا لا علاقة له بالصيغة، فلو أن الصيغة جرت بهذا اللفظ: (مروا النفساء أن تغتسل للإحرام) على سبيل العموم، لم يكن الخطاب في حقنا واجبًا؛ لأن المأمور به ليس بواجب، فالوسيلة كذلك.

فإذا رجعنا إلى الأمر من حيث كونه أمرًا كحديث (مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ) نستطيع أن نقول: إن كان المأمور به مستحبًّا كان مستحبًّا، وإن كان واجبًا كان واجبًا؛ فالأمر وسيلة، والمأمور به غاية، والوسائل لها أحكام الغايات فما كان وسيلة لواجب كان واجبًا، وما كان وسيلة لمندوب كان مندوبًا، والله أعلم.

وأما قول بعض الفقهاء بأن صلاة الصبي من فرض ونفل وحفظ للقرآن، وصيام، وزكاة مال لا ثواب له عليها، فهذا من أضعف الأقوال، وهو مخالف للعدل، والنص.

قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣] أي صلاتكم، والله أعلم.


(١) رواه البخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١) من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر.
(٢) رواه مالك في الموطأ (١/ ٣٢٢)، ومن طريق مالك أخرجه أحمد (٦/ ٣٦٩)، والنسائي في الكبرى (٣٦٢٩)، وفي المجتبى (٢٦٦٣)، وأبو يعلى في مسنده (٥٤)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ١٣٨) ح ٣٦٦، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن أسماء بنت عميس، أنها ولدت محمد بن أبي بكر، فذكر ذلك لرسول الله ، فقال: مرْها فلْتغتسلْ، ثم لِتُهِلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>