للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على مشروعية الجمع للحاجة لم يكن هناك فرق بين طروء المانع وبين ارتفاعه في الصلاتين المجموعتين، فإما أن نقول: إن هذا التفريق يدل على ضعف قول الجمهور بأن درك العصر درك للظهر، والآثار ضعيفة، وهذا قول الحنفية، وإما أن نقتصر على ما تقتضيه هذه الآثار، ولا ندعي أنها تفيد جواز الجمع للحاجة، ما دمنا لا نلتزمه في طروء المانع، وهذا أقرب، والله أعلم.

الجواب الثالث:

أن الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة أخذوا بهذه الآثار، وقالوا: تدرك الظهر بإدراك العصر، وتدرك المغرب بإدراك العشاء ولم يفهموا من هذه الآثار مشروعية الجمع للحاجة، فدل على أن هذه الآثار لا تدل على ذلك.

وقد نفى النووي أن يكون الجمع للحاجة من أقوال الأئمة الأربعة.

قال النووي: «في مذاهبهم في الجمع في الحضر بلا خوف، ولا سفر، ولا مرض: مذهبنا ومذهب أبي حنفية، ومالك وأحمد، والجمهور أنه لا يجوز، وحكى ابن المنذر عن طائفة جوازه بلا سبب، قال: وجوزه ابن سيرين لحاجة ما لم يتخذه عادة» (١).

وقال ابن عبد البر: «وقالت طائفة شذت عن الجمهور الجمع بين الصلاتين في الحضر، وإن لم يكن مطر مباح إذا كان عذر وضيق على صاحبه، ويشق عليه، وممن قال بذلك محمد بن سيرين … » (٢).

الجواب الرابع:

لو كان أثر عبد الرحمن بن عوف وما يعضده من أثر أبي هريرة وابن عباس تدل على مشروعية الجمع للحاجة لوجدت ما يدل على ذلك من التطبيق العملي للصحابة، فلا تجد أثرًا واحدًا يدل على جواز الجمع للمرض أو الخوف أو الوحل أو الريح الباردة، وكلها من الحاجات العامة الشديدة، والجمع بسببها أولى من الجمع من مطلق الحاجة الخاصة، وإنما المحفوظ في السنة أن هذه الأسباب تبيح التخلف عن الجماعة، فلو كان الجمع مشروعًا للحاجة لحفظ الجمع لهذه الأسباب، ﴿وَمَا كَانَ


(١) المجموع (٤/ ٣٨٤).
(٢) الاستذكار (٢/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>