(ح-٣٤٢٢) روى الإمام مسلم من طريق أبي معاوية ووكيع، كلاهما عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله ﷺ بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر.
في حديث وكيع قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يُحْرِجَ أمته.
وفي حديث أبي معاوية: قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يُحْرِجَ أمته (١).
وجه الاستدلال:
قول ابن عباس:(من غير خوف ولا مطر) يدل بمفهومه على جواز الجمع للخوف، فلولا أن الخوف من أسباب الجمع ما صح نفيه.
ويجاب:
الخوف إن كان عامًّا فله صلاة تخصه، ولها أكثر من صفة، فأحيانًا يكون العدو اتجاه القبلة، وأحيانًا يكون على غير جهة القبلة، وقد ذكر الله صفتها في القرآن، وبعضها مذكور في السنة. وليس من صفاتها الجمع بين الصلوات، وكانت حياة النبي ﷺ وحياة أصحابه في جهاد مستمر للكفار، و يتعرضون للخوف من العدو، ولم ينقل أنهم جمعوا بسبب الخوف.
وإن كان الخوف خاصًّا، كالخوف على نفسه، أو على أهله، أو على ماله فهو عذر يسقط الجمعة والجماعة، ولا حاجة للجمع.
ومفهوم حديث ابن عباس لا يقدم على منطوق قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]، فأمره بالصلاة حال القتال راجلًا وراكبًا بحسب قدرته، حتى ولو ترك بعض واجبات الصلاة، بل وبعض شروطها وأركانها من أجل المحافظة على الوقت، ولم يستثن إمكان الجمع.
ولم يأت على النبي ﷺ ولا على صحابته حدث مثل حفر الخندق، وقد