للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تحزب عليهم العرب من أقطارها حتى كان النبي يشارك في نقل التراب، وقد اجتمع فيه الجوع والخوف والشغل، وقد وصف الكتاب العزيز حال الصحابة

قال تعالى: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ١٠ - ١١].

فلم ينقل أنهم جمعوا للصلاة مع هذا الزلزال الشديد، فأي خوف بعد هذا يكون مبررًا للجمع؟

الدليل الثاني:

«الخوف عذر تلحق به المشقة، ومشقته أكثر من مشقة السفر والمرض والمطر، فإذا كان الجمع يجوز في السفر والمطر والمرض، فَلأَن يجوز للخوف من العدو أولى» (١).

ونوقش:

ما الحاجة إلى استخدام القياس، والخوف كان يتكرر في عصر الوحي، وصلى النبي بأصحابه صلاة الخوف، ولم يجمع، وأمر المسلمون بالصلاة رجالًا وركبانًا، ولم يؤمروا بالجمع، ولو كان القياس في هذا الباب جائزًا لاهتدى له صحابة رسول الله، فلا يوجد أثر في الباب يمكن الاعتماد عليه.

ولو كان القياس سائغًا لقيل: إن المريض أولى بالقصر من المسافر، والمرض لا يبيح قصر الصلاة.

قال النووي: «الجمع مضبوط بما جاءت به السنة فلا يجوز بكل شاق، ولهذا لم يجوزوه لمن هو قَيِّمٌ بمريض وشبهه، ولم تأت السنة بالوحل» (٢).

ويقال أيضًا: ولم تأت السنة العملية بالخوف.

والأئمة الأربعة يرون أسباب الجمع معدودة، وقد ذكرنا هذا عند الكلام على جمع المطر، وهذا يعني عدم فتح القياس بإدخال أسباب جديدة للجمع.

راجع مناقشة صحة القياس في بحث الجمع بسبب المطر.


(١) المنتقى للباجي (١/ ٢٥٦).
(٢) المجموع (٤/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>