للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأن يكون الجمع بينهما بتأخير الأولى وتعجيل الثانية، فهو من الجمع الصوري. وهو جائز للصحيح فضلًا عن المريض.

الدليل الثالث:

قياس الأولى، فإذا جاز للمسافر الجمع لعلة المشقة فالمريض أولى بالجواز؛ لأن المشقة التي تلحق المريض أشد من المشقة التي تلحق المسافر، والله تعالى جمع بينهما وذكرهما في كلام واحد، فقال ﷿: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]، فإذا كان حكم المريض حكم المسافر في الإفطار فكذلك حكمهما واحد في الجمع، وإذا كانت علة التخفيف المشقة، فذلك في المريض آكد وأظهر؛ لأن المسافر قد يكون مرفهًا محمولًا مستمتعًا قويًا نشيطًا في سفره، ومع ذلك تباح له الرخص، والمريض بخلافه، فكان أولى بالرخصة من المسافر.

قال سحنون في المدونة: «جمع رسول الله بينهما في السفر .... فالمريض أولى بالجمع لشدة ذلك عليه ولخفته على المسافر، وإنما الجمع رخصة لتعب السفر ومؤنته إذا جد به السير، فالمريض أتعب من المسافر وأشد مؤونة لشدة الوضوء عليه في البرد، ولما يخاف عليه منه» (١).

ويجاب بأكثر من جواب:

الجواب الأول:

حقيقة القياس إلحاق فرع لا نص فيه بأصل ورد فيه نص في الحكم؛ لعلة جامعة، ومعنى ذلك أن الفقيه يعترف أن الفرع (الذي هو المرض) لا نص فيه، فيضطر إلى استخدام القياس، وإلحاقه بالسفر في حكم الجمع.

وإذا كان المرض موجودًا وقت التشريع، وفي عصر الصحابة، ولا يوجد أحد منهم جمع لذلك، فاستخدام القياس خلاف السنة التركية؛ لأن كل ما وُجِد سببُه في عهد النبي مع إمكان فعله، ولم يفعله فالسنة تركه، فإدخال جمع المرض


(١) المدونة (١/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>